في عمان اجتماعات ولقاءات واستراتيجيات لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، ودعم لا محدود لهذه الفئة من الاردنيين من اعلى السلطات، لكننا امام ضجيج عمان نشعر بالدهشة لحكايات تأتينا من محافظات اخرى نشعر معها أن ما نسمعه من كلام حول دعم هذه الفئة يجري في بلد آخر.
بين يدي حكاية عن مركز مؤتة لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو مركز مهدد بالاغلاق والتوقف عن العمل، الحكاية بدأت عندما أسس الصندوق الاردني الهاشمي هذا المركز في عام 1983، وهو يعمل منذ ربع قرن تقريبا لرعاية وتأهيل نسبة كبيرة من ذوي الاحتياجات الخاصة في محافظة الكرك، حيث يقيم لديه حوالي 100 طالب اقامة داخلية، ويقوم برعاية وزيارات منزلية لحوالي 150 آخرين، وكان قائما على مساعدات تأتيه من وزارة التنمية الاجتماعية، بموجب اتفاقية بحيث تقدم الوزارة 10 آلاف دينار سنويا للمركز، وكان من المفترض ان يتم رفعها إلى 30 ألفا بموجب وعد لم ينفذ من وزير أسبق.
لكن وزارة التنمية الاجتماعية اوقفت هذا الدعم خلال عامي 2006 و2007 بحجة اعادة النظر بآليات دعم الجمعيات، ولم تأت الآلية الجديدة وغاب الدعم القديم. والمركز يأتيه تمويل ايضا من القطاع الخاص واهمه شركة البوتاس التي كانت تقدم 6 آلاف دينار سنويا تم تخفيضها الى 500 دينار سنويا تقدم على شكل مواد عينية، اما ما تبقى من دعم فهو من الصندوق الهاشمي الذي يقدم 7 آلاف دينار سنويا.
المركز كمثال على اوضاع مؤسسات خارج العاصمة مهدد بالاغلاق وحرمان 250 مواطنا من ذوي الاحتياجات الخاصة من الرعاية التي لا غنى لهم عنها، اي اننا لا نتحدث عن جمعية خيرية تقيم نشاطات وبازارا خيريا، بل عن خدمة ضرورية وأساسية لمئات العائلات. فالعجز وصل الى 20 الف دينار سنويا نتيجة انقطاع دعم وزارة التنمية والقطاع الخاص، وهنالك ديون كأثمان للكهرباء والمياه والوقود فضلاً عن ان المشاغل التي يتم تدريب الطلاب فيها لم تعد تملك تمويلاً، كما ان الموظفين بلا رواتب منذ شهرين.
وربما لو بحثنا في محافظاتنا المختلفة لوجدنا حكاية او حكايات مشابهة، لكن السؤال عن اي مواطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة نتحدث ونضع الاستراتيجيات في عمان اذا كانت هذه المؤسسات التي تخدمهم في المحافظات لا تجد من يقدم لها العون، ولو كان الأمر خاصا بالاستعراض لوجدنا من يتبرع ويدفع، ولوجدنا اموالاً تدفع ثمن الغداء والعشاء والزينة.
ويفترض بالحكومة عبر الوزارة المعنية أنّ تقوم هي برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، او على الاقل تقديم العون الكافي للهيئات التطوعية التي تحمل هذا العبء، لكن لو افترضنا أنّ هذا المركز او امثاله في اي مدينة اردنية تم اغلاقه وتم ضياع الخدمة عن العائلات التي لديها ابناء من ذوي الاحتياجات الخاصة فمن سيوفر لهم حقهم في الرعاية والتأهيل، فليس من العدل ان تترك هذه المؤسسات في مدننا ومحافظاتنا تبحث عن تمويل وثمن فواتير الكهرباء والماء ووقود الباصات، وإذا كانت وزارة التنمية تبحث عن آلية جديدة لتوزيع المساعدات فيفترض ألا يتم قطع المساعدات لعامين حتى يتم الوصول إلى هذه الآلية.
نتحدث عن استراتيجية لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، لكن ما قيمة هذه الاوراق اذا كانت لدينا هذه الحكايات المؤسفة والحزينة. فكل الشعر الذي نقوله في رعاية هذه الفئة يتلاشى امام تقصير الجهات الرسمية والقطاع الخاص عن ادامة حياة مركز تطوعي يخدم مئات العائلات في مجال تعجز العائلات عن تأمينه لابنائها.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   سميح المعايطة