اعداد: نسريــن الحاج يحيى ابو احمد
هل يعرف اطفالنا الجنس وهل يمارسونه بعيدا عن انظارنا؟ هل مداعبتهم لاعضائهم التناسلية نابعة من شذوذ جنسي ام لان أياديهم البريئة تمارس العادة السرية؟ لماذا يقوم ذوو الوجوه الملائكية على خلع ملابسهم او ملابس اصدقائهم ويحلو لهم ممارسة الالعاب مثل الطبيب والمريض وامتطاء الحصان وغيرها من الالعاب التي تزيد من احتكاك اجسادهم باجسام الآخرين؟
 
اسئلة كثيرة تؤدي بالوالدين الى الحيرة والقلق والحرج والضيق وقد تجعلهم يتصرفون بأسلوب غير صحيح ولائق يؤدي الى تفاقم المشكلة اذا ما كانت هناك مشكلة أساساً او الى خلق أضرار جسيمة وبعيدة المدى فلكل الامهات ولكل الاباء وحتى المربين الذين تشغلهم هذه التساؤلات ولا يجدون لها اجابات نلخص بعض ما يقوله المتخصصون في هذا المجال علنا نجد بهذا ضالتنا.

 

اطفالنا والجنس
يؤكد الاخصائيون على ان تفسير تصرفات الاطفال خاصة إذا كانوا في جيل ما قبل المدرسة على انها ذات دلالات جنسية ونابعة من شذوذ جنسي او حتى إثارة جنسية لهو تفسير خاطىء وفي غير محله، وبالمقابل فانهم يطرحون عدة تفسيرات اكثر دقة وموضوعية لهذه التصرفات ومنها:
-تنتاب الطفل مشاعر من اللذة منذ ولادته والمقصود باللذة في عالم الاطفال هو الشعور بالارتياح والطمأنينة وليست اللذه بمفهوم البالغين وتزداد هذه اللذه اثناء اقدامه على الرضاعة ومن ثم عندما يتخلص من اوجاع بطنه وفي مرحلة اكثر تقدما ومع بدايات السنة الثالثة من عمره يبدا يشعر بدغدغة في منطقة اعضائه التناسلية خاصة عند ملامستها ويكون هذا مشابه بمداعبته تحت ابطه او على بطنه حيث يسبب له هذا الشعور الارتياح واللذة لذا فقد يرغب في ملامسة اعضائه لكي يشعر بالارتياح ومن الممكن ان يكون هذا التصرف لفترة وجيزه تماما مثلما الحال بالنسبة للرضاعة وغيرها وبمجرد التطور والنمو تختفي او تكاد الا انه اذا تعامل الاهل بشكل عنيف وقمعي مع تصرفات الاطفال التي نفهمها مخطئين بانها جنسية فمن المحتمل ان تصبح هذه التصرفات دائمة بل مرضية وغير صحية.

 

يجب الاشارة ان بعض الخبراء في هذا المجال يظنون ان تصرفات الاطفال التي تتمثل مثلا في مداعبته لزملائه او خلعه ملابسهم وما الى ذلك تعتبر رسالة منه ومؤشرا لنا بان لديه بعض التساؤلات التي يريدنا ان نجيبه عليها بمعنى انه لصغر سنه ليس لديه دائما المقدره الكلامية لسؤالنا المباشر عما يشغل فكره لذا فانه يتصرف بعض التصرفات كمؤشر منه لوجود هذه التساؤلات وكأنه يبعث لنا برسالة ( انني محتاج للتربية الجنسية» او اني اود الاكتشاف فوجهوني الى الوجهة الصحيحة» والسؤال هنا ماذا نفعل برسالته ودعوته هذه؟

 

ويطرح اخصائيون آخرون تفسيرات اخرى لهذه التصرفات منها انها تنبع من فضول الاطفال ورغبتهم بالاكتشاف واكتشاف اعضاء جسمهم او اجسام اصدقائهم او اخوتهم فالطفل كما يقوم باكتشاف رأسه او يده فانه يحاول اكتشاف باقي وكامل اعضاء جسده خاصة هذا الجزء الذي لم يبادر احد بسؤاله عنه والذي يحرص والداه على تغطيته واصرارهما على ان لا يعبث به.
الى جانب ذلك فان بعض الأخصائيين ينسبون هذه التصرفات الى كونها عادات سيئة ليس اكثر ويقترحون على الاهل النظر الى تصرفات الطفل خاصة التي تتعلق بملامسة اعضائه التناسلية على انها عادات قبيحة يجب ان يقلع طفلهم عنها وان يتخلص منها وبهذا يدعون الاهل الى عدم اتهام الطفل بالشذوذ وبالميول الجنسي وانما يعتبرونها عادة سيئة يجب العزم والعمل على التخلص منها.

 

من المهم الاشارة الى ان هذه التفسيرات بمعظمها ترتكز على مرحلة العمر من 1 - 5 سنوات في حين انه في مرحلة المدرسة تستمر عند الطفل نفس العوامل الا انه من الملحوظ ان كثيرا من هذه التصرفات المرتبطة بالجنس والفضول الجنسي والالعاب الجنسية يقل الى حد ما خاصة عند البنات وقد يستمر هذا السلوك عند بعض الاطفال ولكن ياخذ طابعا سريا اكثر من ذي قبل.
 
اذا ماذا نفعل ؟
اولا:ننصح اهل ومربي الاطفال بعدم التعامل مع هذا الموضوع بتوتر او بحساسية لأن من شأن ذلك ان يجعلهم يتصرفون بشكل خاطىء ويستعملون اساليب غير مجدية لمواجهتها. كذلك من المهم التوجه للموضوع على انه طبيعي ومتوقع في جيل الطفولة كما سبق وذكرنا ليس لانه نابع عن شذوذ ما او شهوة او ميول جنسي وانما بسبب التطور والنمو وحب الاستطلاع وطبيعة الجسد واقصاه يمكن اعتبار ان هذا الموضوع نابع من سلوكيات قبيحة وعادات غير لائقة يجب تعديلها مثلها مثل اي عادات اخرى لدى الاطفال فان تمسك الاهل او المربين بهذه القناعة فانهم سيتعاملون مع الموقف او التصرفات بهدوء مما يجعل من هذه التصرفات عابرة وتختفي مع مرور الوقت ويجب التاكيد على ان التعامل غير الهادئ مع الطفل قد يخلق هو بنفسه( اي هذا التعامل) مشكلة فيحول الاهل بعصبيتهم وعنفهم وكبتهم لتصرفات الطفل الى تصرفات مرضية وشاذة ودائمة.

 

ثانيا: يجب التوجه للطفل بهدوء وروية لنقوم بتنبيهه ان هذا التصرف هو قبيح وغير لائق ويجب الامتناع عنه تماما كما نفعل اذا ما اقدم على ضرب الآخرين او التعدي على ممتلكاتهم ونعلمهم بدون انفعال زائد ضرر هذا التصرف واهمية الابتعاد عنه والامتناع من الاقدام على فعله بهدوء وبساطة فانه من غير المجدي بل ومن المضر ان نتعامل مع هذا الموضوع بعصبية ومن خلال الضرب والصراخ وقد يخطىء البعض ويطلقون العنان لألسنتهم تنزل كالسياط على مسامع الطفل فيلقبونه بالسافل او الشاذ او بألقاب قبيحة أخرى .
ثالثا : يعتقد بعض الأخصائيين انه يفضل في بداية ظهور هذه التصرفات تجاهلها والتغافل عنها ففي كثير من الاحيان نجعل، بعدم رد الفعل وبالتجاهل ، هذه التصرفات عابرة ونمنع ان يقف الطفل عندها وان يصر عليها وانما يرى انها غير مهمة بالنسبة لنا لذا فبعد فترة وجيزة قد نجده يتخلى عنها تماما ونمنع بهذا الاسلوب ان يرتبط الجنس عنده بالعقاب والرفض والتجريم مما قد يحول هذه التصرفات بالمرضية في المستقبل او يختلق لديه مشاكل جنسية عند كبره.

 

رابعا : بالمقابل للانشغال احيانا عن تصرفات الطفل يجب ان نساعده على ايجاد الأنشطة البديلة التي تشغله كالرياضة والنزهات وتعليم اللغات ونشاطات آخرى كثيرة نتمكن من خلالها اثراء وقته وتخفض من طاقاته وتوجهه الى فعاليات مفيدة كذلك فان رأينا الطفل قد بدأ في ممارسة احد هذه التصرفات من الممكن ان نشغله بطلبنا منه وبرقة ان يعطينا شيئا ما او نحدثه عن احد المواضيع التي بدأ فيه او يريد الاقدام عليها .
خامسا : استخدام وسائل بسيطة وقريبة الى عالم الأطفال كالقصص مثلا لتمرير القيم التربوية التي نود ان يكتسبها كذلك تلك التي نود أن يمتنع عنها مع التفسير له لأسباب واسباب رغبتنا في بعض القيم دون الاخرى . كذلك من المهم التوضيح له الحدود الشخصية والجسمانية وخصوصية اجسادنا وعدم ايذائها او منع احد من ايذائها.

 

سادسا : ان التعامل مع الطفل بهدوء وتجاهل تصرفاته او التحدث معه وحثه على الامتناع عن عاداته السيئة لا يعني ان يهمل الاهل هذا الموضوع ولا يلتفتون اليه وانما يجب على الاهل مراقبة الطفل من بعيد دون ان يشعروه بانه تحت اعينهم فيمنع مثلا من اللعب في غرفة مغلقة او ان يغيب عن اعينهم مدة طويلة وغيرها .
سابعا : يجب ان لا يجعل الطفل ينكشف على امور جنسيه قد تثير تساؤلاته واهتمامه مثل اقامة العلاقة الجنسية بين الزوجين أمامه او الجلوس في مجالس الكبار لاستماع احاديث عن الجنس، والعلاقات الحميمة عبر التلفزيون او الانترنت .
ثامنا : بالنسبة للعادة السرية عند الاطفال فالعلاج ببساطة يتمثل بان ننبه الطفل بهدوء لكون هذا الأمر عادة سيئة او ضارة ونشجعه ونحفزه على التخلص منها فمثلا عندما نرى يده تقترب من هذا الموضع نبعده بلطف وهدوء مع التنبيه المتكرر على ضرر الامر وتشجيعه على الاقلاع عن هذه العادة . ونذكر مرة أخرى ان هذه التصرفات لا تختص عند الكبر ولكنها ومع دخول الطفل الى المدرسة تخمد وتسكن وذلك يرجع لانضمام الطفل لاطار يتطلب منه طاقات كثيرة كما انه غني بالقوانين والحدود والاوامر والنواهي التي تجعل الطفل يرقب تصرفاته اكثر باكثر ويمتنع عن العادات السيئة .
تاسعا : العناية بالتربية الدينية فالعبادات والصيام وتدريب الولد والبنت منذ صغرهما على غض البصر وحضور دروس الدين والذهاب يوميا على المسجد وقراءة الكتب والمجلات المفيدة معينة له على الالتزام بالتصرفات اللائقة.

 

وفي النهاية لا بد من ان نوضح اننا في حال راقبنا الطفل ثم شرحنا له وبهدوء ولعدة مرات ان لزم الامر عن ضرر وعدم صحة تصرفاته واصر بالرغم من ذلك على تصرفاته هذه وبشكل متكرر او رأينا انه ينعزل عنا أكثر فأكثر وانه مشغول الذهن وانه منغمس في تصرفاته هذه وتستحوذ على طاقاته فيجب ان لا نستبعد شيئا هاما وهو ان يكون قد تعرض الى تحرش او اعتداء جنسي ويكون هذا عبر الجلوس معه في جو من الصداقة والود وسؤاله في بعض الامور مثلا هل لامس احد أعضاءه التناسلية ؟ هل يظهرها لاحد ؟ ويكون ذلك بالحديث الهادىء وليس بالوعيد والتهديد ؟ ويمكن استخدام وسائل تحفزه عن التحدث عن هذا الامر كمثل قراءة قصة ترمز لهذه المعاني او عبر الرسم او حتى اللعب ولعل اهم التوصيات للاهل هي ضرورة التقدم لطلب الاستشارة من احد الاخصائيين كي يساعدهم ويوجههم ويفحص معهم هل هذه التصرفات تقع تحت اطار التصرفات الطبيعية لهذا الجيل او انها تنم على مشكلة يعاني منها الطفل وادعو الاهل الى عدم التردد عن البحث عن علاج للطفل اذا ما اصبحت هذه التصرفات بالمرضية او المتكررة جدا ذلك ان التغاضي عن وجود المشكلة لا يجعلها تختفي بل قد تعود لتظهر في جيل اكثر تقدما وعلى شكل مرضي او حتى شذوذ جنسي.

 

ملاحظة : عادات التربية الجنسية هي مطلب هام للاطفال وهي ضرورة لنمو سليم ومعافى فسوف نطرق باب هذا الموضوع باذنه تعالى في العدد القادم وتحديدا سوف نقدم بعض الامور والاقتراحات عن كيفية اجابة الابناء على تساؤلاتهم الجنسية

المراجع

الموسوعة الالكترونية العربية

التصانيف

مجتمع   العلوم الاجتماعية