الفقراء وذوو الدخل المحدود يأخذون من الحكومة التضامن، اما الكبار فلهم القرارات.
الحكومة لم تقم بزيادة رواتب عمال المياومة بانتظار دراسات وحلول قد تستغرق سنوات، وفئات من الموظفين كانت زياداتهم لا تزيد على 3 دنانير. أما المتقاعدون، فحصلوا على عشرة دنانير، ولولا تدخل جلالة الملك وإنصافه لهذه الفئة لما تم التعديل.
اما الكبار، فالحكومة نشيطة وسريعة في انصافهم، او زيادة امتيازاتهم. لهذا كان القرار الذي نشرته الزميلة "عمون"، قبل ايام، بإعطاء رؤساء الحكومات والوزراء العاملين والمتقاعدين وعائلاتهم، وأصحاب الدرجة العليا، وحملة الالقاب، حق العلاج في المستشفيات الخاصة مباشرة من دون تحويل؛ اي بشكل عملي تمت اضافة المستشفيات الخاصة إلى قائمة المستشفيات العامة التي يُعالجون فيها. اما التكاليف، فسيتم تحويلها على نفقة صندوق التأمين الصحي الذي يموله الموظفون جميعاً.
ومن الآن فصاعداً، يمكن للكبار وعائلاتهم الذهاب بسبب اي مرض وأي مراجعة، وتلقي اي علاج ودواء من المستشفيات الخاصة، وعلى نفقة الخزينة او صندوق التأمين الصحي. وهذا يعني ان هذا الصندوق سيتحمل اعباءً اضافية وكبيرة، بخاصة ان توسيع دائرة المشمولين سيتم للنواب والاعيان.
لكن السؤال: ما دمنا نتغنى بمستوى مؤسساتنا الطبية العامة، من مستشفيات الحكومة والقوات المسلحة والجامعات، فلماذا يتم تحميل صندوق التأمين الصحي هذه الاعباء لخدمة فئة ممن لم يكونوا يعانون من نوعية العلاج ولا من ازدحام المستشفيات؟ فأحدهم يدخل من باب خاص، وبمواعيد لها اولوية. وحتى نوعية الدواء المقدم لهم تكون من الافضل. لهذا، فهؤلاء ليسوا هم الجهة التي تحتاج الى رفع مستوى الخدمات، وفتح ابواب المستشفيات الخاصة لهم على مصراعيها على حساب التأمين الصحي، بينما المواطن الموظف الذي يقف في الدور، وتصيبه آثار اي ضعف في الخدمات او نوعية الدواء يبقى حاله كما هو.
وحَمَلة الالقاب والدرجات لديهم خدمة التأمين في المدينة الطبية التي تعد معلماً طبياً في المنطقة. ولو كان الامر استخداما محدوداً للمستشفيات الخاصة، لكان للأمر ما يبرره، لكن فتح الباب على مصراعيه، ومن دون حساب او تحويل، سيجعلنا بعد حين امام فاتورة ضخمة لفئة قليلة، يدفعها صندوق التأمين الصحي. وهذا الامر لن يختلف عن مراحل كانت فيها اموال التأمين الصحي تُدفع لبعض المتنفذين للعلاج في اوروبا وأميركا، رغم ان امراضهم عادية، ولها دواء في الاردن؛ لكنه "مال سايب" وسياحة وسفر! وكما قال وزير الصحة الحالي في مقابلة تلفزيونية قبل اسابيع، فإن تكلفة علاج احدهم وصلت الى نصف مليون دينار، تم دفعها من صندوق التأمين الصحي.
وقرار الحكومة هذا بترحيل علاج الكبار الى القطاع الخاص اعتراف بأن مستشفيات القطاع العام ذات مستوى رديء ولا يليق بحَمَلة الألقاب. وإعطاء الامتيازات لمن لا يحتاجونها تقدير خاطئ من الحكومة، التي من المفترض بها قبل ان تزيد امتيازات الوزراء العاملين، ان ترفع سوية الخدمة للموظفين والمتقاعدين. فالوزير لن يعجزه ان يجد من يدفع فاتورة علاجه من الحكومة او غيرها، لكن المواطن الذي يذهب الى مستشفى ثم يقال له ان الدواء غير موجود وعليه إما الانتظار حتى توفر الدواء، او أن يشتريه على حسابه. هذا المواطن هو الذي يحتاج الى امتياز من الحكومة.
اخطأت الحكومة في هذا القرار، وسيكون الخطأ مضاعفا إذا كان ما يُقال صحيحا أن الحكومة زادت رواتب الوزراء قبل فترة 500 دينار شهرياً، بينما زادت الموظف الصغير 5 دنانير، وحرمت فئات من الزيادة بحجة عدم توفر المخصصات.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد سميح المعايطة