ما من وقت جاء على القضية الفلسطينية من حيث التناقض في مستويات التعامل معها فلسطينياً وعربيا ودولياً مثل هذا الوقت ، ذلك ان الافق السياسي لهذه القضية يبدو مكتظاً بالضبابية وانعدام وضوح الرؤيا. هذه الضبابية التي تدعي الوضوح في المشهد لكنها في اصلها تذهب باتجاه العماء.
فالسياسات العربية تجاه القضية في مفصلها التاريخي الذي نعيش تبدو وكأنها حين تقدمت بمبادراتها لحل الصراع العربي الصهيوني وكأنها قد قدمت كل فروضها القومية تجاه فلسطين. والمبادرة التي دخلت كاضافة للمحاولات المستحيلة لحل قضية الفلسطينين تبدو وكأنها نامت في سباتها العميق في ادراج السياسات الدولية ومحافلها الميتة.
وفلسطينياً تبدو القضية اكثر من فكاهية وعبثية حين نرى الاختلاف الفصائلي بين حماس وفتح ومنظمة التحرير عموماً والردح الاعلامي اليومي الذي تبثه وسائل الاعلام الفلسطينية الخاصة بالسلطة ووسائل الاعلام الخاصة بحماس اضافة الى المتاح في الفضائيات العربية. ونقول فكاهية لان الطرفين يؤججان نيران الاختلاف بينهما على اعتبار انهما يقيمان على ارض فلسطينية متحررة. متناسين ان الضفة الغربية مازالت تحت الاحتلال الاسرائيلي الكامل وان حماس المعفية من التواجد الاسرائيلي داخلها هي محاصرة في الارض والجو والبحر بقوات الاحتلال الاسرائيلي.
ومع هذا فان الاختلاف الفصائلي الفلسطيني يتعمق يوماً بعد يوم الى الدرجة التي وصل فيها هذا الخلاف الى حد اللاعودة الى الحل.
ودولياً يبدو العالم اكثر اهتماماً بالقضية الفلسطينية من حيث العمل على تفعيل تقرير جلادستون وتجريم القادة الصهاينة دولياً ومن حيث الاتفاق الاوروبي على ان القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية القادمة هذا اضافة للوثيقة السويدية.
والغريب ان هذه الهمّة الدولية تحدث في وقت تخلى فيه اصحاب القضية الاساس عن البحث عن الحل السحري لاختلافهم وتحفظاتهم على التوقيع على الوثيقة المصرية الخاصة بالتصالح بين فتح وحماس.
ان الغرب المتورط في حربين في العراق وافغانستان واحتمال الوقوع في حرب ثالثة مع ايران لن يصبر طويلاً على الخلاف المزمن بين السلطات السياسية العربية والخلاف الفصائلي الفلسطيني وسيعمل على ايجاد احداثيات جديدة في المنطقة تساعده على حل القضية الفلسطينية بالشكل الذي يريد وعندها فقط سوف يبدأ الفلسطيني الذي استأنس هذا الاختلاف والتشاجر بعض اصابع يديه ندماً.
ان على السياسات العربية والسياسات الفلسطينية أن تسعى الى تفعيل قواها التفاوضية والسياسية في معركة قادمة لا تقل خطورة عن كل المعارك التي قامت من اجل فلسطين. والتعامل بعقلانية على الاقل في ما نختلف عليه جميعا وما يتفق مع الغرب ومصالحه.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خليل قنديل جريدة الدستور