المشهد الذي ظهر فيه الجندي الامريكي "بو روبرت برغدال" المحتجز لدى قوات طالبان وهو بكامل قيافته العسكرية في الشريط الذي وزعته قيادة طالبان على فضائيات العالم امس الاول يفتح صفحة جديدة لم تعتد قوات طالبان على اتيانها في صراعها وحربها مع القوات الامريكية وقوات الناتو عموماً.
ان مجموعة التصريحات التي نطقها الجندي الاسير لها فعلها الاعلامي الساحر والمزلزل لدى الشعب الامريكي. وهي "اي التصريحات" تبدو اكثر فعالية من الاخبار التي تتكرس يومياً في مساحة الفضائيات الاخبارية. ذلك ان فكرة الاسير تبدو وكأنها "خسارة ناطقة" تعبر عن الخدش الوجداني للجماهير التي يمثلها الاسير.
فالجندي الذي اعلنت عن اعتقاله قوات طالبان في 30 حزيران لم يحرك اي فعالية لدى القوات الامريكية باعتباره احد الطهاة وانه يعاني من بعض الامراض النفسية. الجندي الذي ظهر بعافيته العسكرية الكاملة ، وتحدث بلغة متعافية ايضاً ستكون لعبارته التي اطلقها الاثر الكبير. على المواطن الامريكي الذي سيكون عليه ان يسمع الجندي وهو يقول:"يؤسفني ان اقول لكم ان هذه الحرب تفلت منّا وستتحول الى فيتنام جديدة اذا لم يقف الشعب الامريكي ضد هذا العبث" او حين يخاطب شعبه الامريكي بالقول" لديكم قدرة على دفع الحكومة الى سحب القوات .. ارجوكم اعيدونا الى البيت".
وبغض النظر عن المطالب التي قدمتها قوات طالبان من الافراج عن اسراها عند القوات الامريكية فان مشهد الجندي الاسير يعتبر سابقة في حرب طالبان مع القوات الامريكية. وهو استفادة واضحة وبينة من تجربة اعتقال الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط ومن الدرجة التي استفادت فيها حركة حماس من اعتقال هذا الجندي وتسويق صورته في المجتمع الاسرائيلي الى الدرجة التي تحول فيها شاليط الى كابوس يطارد حكومة نتنياهو الاسرائيلية.
ان اعتقال الجندي الامريكي لدى طالبان وتسويق مشهده بهذا الشكل الفضائحي يفتح الشهية مستقبلاً عند الجهات المتحاربة الى اعتماد تكتيكات جديدة كي تقطف نصرها. ولعل اهم هذه التكتيكات هي الحرب من اجل الحصول على الاسرى واعتقالهم واظهارهم على شاشات التلفزة.
ولعل حرب الحصول على الاسرى سوف تكون احدى المهمات الاثيرة مستقبلاً لدى الشعوب المقهورة بالاحتلال. فمشاهدة جندي اسير يتوسل الافراج وانهاء الحرب هو من اكثر الاساليب القادرة على تحريك الشعوب كي تطالب حكوماتها بالعودة عن قرار الحرب والاحتلال.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خليل قنديل جريدة الدستور