تتسيد ساحتنا الثقافية حالة تجعل الجهة التي تستضيف المثقف في اي مجال يختص به تكتفي بالشكر والثناء على الضيف المشارك ، دون ان تقدم له اي مقابل مادي نظير حضوره ومشاركته في هذه الفعالية او تلك. وكأن لسان حال هذه الجهات يقول: "يكفيك اننا منحناك فرصة الظهور في محفلنا الثقافي هذا".

وباستثناء بعض الجهات التي تقيم ندواتها الثقافية السنوية ومؤتمراتها التي تقدم مبلغاً رمزياً للمثقف المشارك ، فان العديد من الجهات التي تنظم الامسيات والندوات والمؤتمرات الثقافية تحاول التنصل من اي مسلكية تجعلها تعطي للمثقف المشارك اجره نظير هذه المشاركة.

وبالرغم من ان ادارة رابطة الكتاب الاردنيين قامت في احدى السنوات بكتابة ما يشبه ميثاق الشرف طالبت فيه الكتاب الاردنيين بعدم المشاركة في اي فعالية ثقافية بالمجان ، داعية الجهات التي تدعو المثقفين الاردنيين للمشاركة في انشطتها الثقافية لتقديم الدعم النقدي لكل مشارك ، بالرغم من هذا الاتفاق ، الا ان الجهات الثقافية عندنا ظلت تستدعي المثقف الاردني دون ان تقدم له شيئا سوى المنصة وايقاع صوته المايكروفوني ، وظلّ المثقف ينأى بنفسه عن هذا الحرج.

والغريب ان معظم الجهات التي تنظم الامسيات الثقافية والبرامج والمؤتمرات ، ترصد امولاً خاصة للقيام بهذه الفعاليات ومع ذلك يظل المثقف الاردني يخرج من هذه الفعاليات وهو يحمل كلمة شكراً.

فالجامعات الاردنية تقيم المؤتمرات الثقافية السنوية والامسيات الشعرية والقصصية وتدعو كل الفعاليات الابداعية الاردنية للمشاركة في هذه الفعاليات دون ان تقدم لها اي مبلغ رمزي مكافأة على مشاركتها متكفية على الاغلب بتقديم وجبات الغداء.

ومؤسسة مثل مؤسسة شومان تقيم فعالياتها الثقافية الاسبوعية والشهرية وتعتمد نظاماً غريبا ، اذ تقدم للمشارك العربي الضيف تذكرة طائرة واقامة في فندق خمسة نجوم ومغلف فيه مكافأة بالدولار ، بينما لا تقدم هذه المؤسسة للمشاركين الاردنيين اي مقابل نظير مشاركتهم الثقافية تلك، وحتى حينما يكون النشاط مقتصراً على رموز فكرية وابداعية اردنية فما من احد من المشاركين ينال شيئا.

اما مؤسسة الاذاعة والتلفزيون فحدث ولا حرج، فأنت تتلقى وانت في بيتك مكالمة من معد البرنامج او مقدمه ، يدعوك للمشاركة في البرنامج وتتكبد عناء السفر الى مبنى الاذاعة والتلفزيون وتنتظر لاكثر من ساعة لتقديم جهدك العقلي والذهني دون ان تفكر ادارة هذه المؤسسة بتقديم اي مبلغ نظير مشاركتك ولا تحصل الا على كلمة شكراً.

وفي الاطار نفسه ، تقوم المكتبة الوطنية الاردنية هذه الايام بنشاط جديد تحت عنوان "كتاب الاسبوع" تستضيف فيه مجموعة من النقاد كي يتحدثوا عن تجربة ابداعية ما ، لكن ما علمت به ان المكتبة الوطنية لا تقدم للمشاركين في نشاطها الاسبوعي هذا اي مكافأة للمشاركين.

ان كلمة شكراً التي يتقاضاها المبدع والمثقف الاردني بعد كل نشاط تدل على ثقافة المنة التي تستكثر على هذا المثقف ان يحصل على مكافأة مادية تليق بالجهد الذي يبذله في رفع شأن هذه المؤسسة أو تلك.

وعلى المثقف الاردني بالمقابل ان يربأ بنفسه عن المشاركة الثقافية المجانية ليؤصل بهذا الرفض لنهج جديد يمنح المثقف بعض حقوقه التي هي اكبر من ثقافة المنّة بكثير.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خليل قنديل   جريدة الدستور