عندما اقدمت الحكومة، قبل سنوات، على استقدام شركة فرنسية لإعطاء شهادات المواصفات وفحص البضائع القادمة الى الاردن كانت هناك احتجاجات ووجهات نظر ترى في هذا القرار نوعاً من الادارة الخاطئة، بل وإساءة الى قدرات الاجهزة الحكومية مثل دائرة المواصفات والمقاييس والمختبرات والجهات الوطنية ذات الكفاءة العالية.
ومناسبة الحديث اليوم ان عقد هذه الشركة، كما ذكر بعض اهل الخبرة، ينتهي مع نهاية هذا الشهر، ويفترض بالحكومة ان تُعيد النظر بالقرار وأن تقوّم التجربة، وألا تقوم بتجديد العقد بما يعنيه هذا من تكلفة على التاجر الاردني دون اضافة نوعية. فالعبرة ليست بوجود شركة اجنبية بل بآليات التحقق من الجودة للمستوردات.
أحد التجار الاردنيين روى لي قبل ايام قصته مع هذه الشركة حيث قام باستيراد بضاعة وهي ألعاب اطفال بقيمة (2500) دولار، ولإثبات جودتها كان عليه ان يذهب الى هذه الشركة الفرنسية التي طلبت منه اجراء ثلاثة اختبارات تكلفة كل منها (650) ديناراً، اي ان ما سيدفعه من تكلفة اختبارات يساوي تقريباً ثمن البضاعة. والطريف ان الشركة الاجنبية تقوم بإجراء الفحوصات للتأكد من الجودة في المختبرات الاردنية بما فيها مختبر الجمعية العلمية الملكية، كما ان هذه الفحوصات الخاصة بالجودة لا تكلف مثل هذه المبالغ الكبيرة، وما دامت المختبرات اردنية وآليات التحقق محلية؛ فلماذا هذا الإنفاق والتكلفة والأعباء على الناس!
السؤال؛ هل الحكومة ملزمة بموجب اتفاقات دولية بمثل هذه الشركات؟ وهل كل الدول تقبل ان يتم التشكيك بقدرات ونزاهة اجهزة المراقبة على جودة المستوردات لديها وتعيين "رقابة" اجنبية؟
هنالك تساؤلات عديدة قد نتجنب إثارة بعضها، لكن من واجب الحكومة ان تعزز قدرات اجهزة ومؤسسات فحص الجودة لديها، لا ان تستورد شركات تعمل بكفاءات اردنية، بل وتستعمل مختبرات اردنية. واذا عدنا الى التاجر الأردني الاخير فأي فحص هذا الذي تبلغ تكلفته (650) ديناراً، ويتطلب منه ثلاثة فحوص بتكلفة تصل الى قيمة البضاعة.
مع نهاية هذا الشهر تصل الشركة الفرنسية إلى نهاية عقدها. وإذا كان الأمر خياراً للحكومة فالأولوية ان يكون العمل لأجهزتنا الرسمية التي نحترم كفاءتها ومختبراتنا التي تقوم الآن بإجراء الفحوصات، وإن كانت الحكومة مجبرة على شركة اجنبية فلتبحث عن شركات ترحم التجار وتقدم اضافة جديدة، وهذا مطلب مشروع، لأن كل تكلفة اضافية يدفعها التاجر تعني ارتفاعاً على الاسعار، والأهم ان وجود هذه الشركات ليس ضرورة، فلسنا في حالة من التخلف التقني ما يجعل اجهزة الحكومة ومختبراتنا عاجزة عن مثل هذه الاجراءات، علماً بأن دائرة المواصفات والمقاييس حصلت في فترة سابقة على جائزة التميز، فكيف نعطيها هذا التكريم ونستبدلها بشركة اجنبية تعمل في المختبرات الاردنية ذاتها؟
المراجع
الموسوعة الرقمية العربية
التصانيف
صحافة جريدة الغد سميح المعايطة العلوم الاجتماعية