المقال التالي كتبته قبل ان يتم الاعلان عن استقالة الوزيرين على خلفية قضية مياه المنشية. وسأترك المقال كما هو، لأن الاستقالة لم تغير كثيراً من حقائقه.
المشكلة ليست مع اشخاص الوزراء، لكن المسؤولية السياسية هي المطلوبة والتي لا تقتصر على الوزراء المعنيين، بل تتحملها كل الحكومة كمؤسسة سياسية، بغض النظر عن الاشخاص.
والسؤال الآن: ماذا ستقول الحكومة عن كل المعاناة التي يعيشها ابناء بلدة المنشية والقرى المجاورة الذين يعيشون بلا مياه منذ 10 ايام، بحيث لم تعد مشكلتهم في أعراض التسمم والمئات الذين اصابتهم أعراض المرض، بل في الحصول على الماء للشرب والغسيل والنظافة؟ فالحكومة بدلاً من حل مشكلتهم في ازالة اسباب المرض زادت الامور تعقيداً، فجعلت ابناء المنشية وقرى اخرى يعيشون مشكلة النظافة لعدم توفر الماء، او كما قال لي احد ابناء تلك المناطق: انه حتى الماء الملوث لم يعد متوافراً، واصبح الحصول على المياه يستدعي تقديم طلب والتسجيل للدَّور في مقر الحكم الاداري الذي، كما قالت صحف الامس، اصبح مشغولاً بالانتخابات وسيضطر المواطن للذهاب الى مكان خارج قريته لتسجيل اسمه على "دَور" المياه.
الحكومة، وعبر اكثر من تصريح قبل ايام، اشارت الى ان المياه عادت او ستعود لكنها حتى امس -حسب ما قاله لي بعض أهالي المنطقة- ما زالت (مقطوعة). واذا كانت الحكومة تعلم انها ستحتاج الى ايام طويلة للتأكد من سلامة المياه فكان عليها ان توفر حلولاً لمساعدة الناس على امتلاك المياه، لا ان تغرقهم في عملية ادارية طويلة من تسجيل دور وركض وراء معاملات. بل ان الناس -في بعض القرى- كما يقول بعض اهلها: يحملون (اوعية) يبحثون فيها عن الماء لتوفير الحاجات الاساسية للشرب والنظافة.
الحالات ما تزال متزايدة! فما نقرؤه جميعاً في الصحف يشير الى وصول عدد حالات الاصابة الى اكثر من (1000) اصابة، اي ان الاصابات لم تتوقف، وهذا يعني ان طرق المعالجة لم تكتمل، وان الازمة التي في اسبوعها الثالث الآن لم تصل الى نهاياتها الكاملة ما بين العطش والمعاناة للمنشية وما حولها، واستمرار ظهور اصابات جديدة احد العناوين الهامة لهذه القضية التي رغم التقدير لما قامت به الحكومة، الا انها ايضاً عجزت عن القيام بأمور هامة اخرى.
الرئيس قال بوضوح انه كان من الممكن منع حدوث ما حدث، اي ان ما حدث له اسباب ومسببون، لكن ما حدث بعد ذلك له مسببون ايضاً! والمعاناة ما زالت قائمة ومستمرة.
اقل ما يقال ان الحكومة غرقت في أزمة المنشية، كما غرق الناس هناك في التسمم والعطش والمعاناة.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد سميح المعايطة