تبدو الحكومة هذه الايام منهكة سياسياً، في أجواء أزمتين، تكفي إحداهما في ظروف مختلفة لافقاد اي حكومة قدرتها على الصمود والاستمرار، وهما قضيتا المنشية والانتخابات البلدية.
سياسياً؛ خرجت الحكومة من ازمة منشية بني حسن بإعلانها استقالة وزيري الصحة والمياه، وان كانت هذه الازمة لم تنته بشكل كامل على الصعيد الفني، لكن خروج الحكومة سياسياً لا يعني انها لم تدفع ثمناً باهظاً، وهو ثمن لا يقلل منه اعجاب البعض بها لانها اقدمت على اقالة الوزيرين.
وازمة المنشية كانت ذات طابع شعبي, وضحاياها المباشرون هم الاف المواطنين سواء ممن اصيبوا بالتسمم او اصيبوا بالعطش، وامتد الامر الى اقليم الشمال مائياً وربما حتى للزرقاء، وما زاد من آثارها على الحكومة امتدادها حتى اربعة اسابيع، وعدم قدرة الوعود الحكومية على النفاذ على اكثر من صعيد. وفي المحصلة تركت الازمة انطباعاً سلبياً على القدرة الفنية والسياسية للحكومة.
وقبل ان يغلق ملف المنشية كانت الانتخابات البلدية، وسأتجاوز ما هو واضح منها بما يرتبط بعلاقة الحكومة مع الاسلاميين وانسحابهم وكل التداعيات التي اصبحت واضحة، لكن الجانب الاخر الهام هو الانطباعات والمواقف السلبية التي تركتها ادارة الحكومة للانتخابات على قطاعات اجتماعية في بعض المحافظات، قطاعات ليس لها علاقة بالسياسة، بل انها قريبة من توجهات الحكومة او على الاقل لا تختلف معها.
لكنها قطاعات تضررت بشكل مباشر من الادارة الحكومية، وعبرت عن مواقفها بأساليب لم يكن بعضها مقبولاً بل لم تخلُ من العنف احياناً.
وادارة الانتخابات البلدية وما تركته من صدى وقناعات تحمل امراً هاماً جداً وهو مدى الثقة بقدرة الحكومة على توفير ادارة فنية وسياسية ناجحة للانتخابات النيابية التي لا تفصلنا عنها سوى ثلاثة اشهر تقريباً!
هذه الثقة بقدرة الحكومة على توفير ادارة مقنعة للانتخابات قد تفرض محدداً هاماً لاستمرارها، فحتى لو كان ما سيجري مثالياً فإن الشكوك ستبقى على الانتخابات ليس من القوى السياسية المعارضة، بل من قطاعات شعبية واجتماعية عادية بل ومنحازة سياسياً للحكومة.
لست معنياً بالدخول في مجال التحليلات لمستقبل الحكومة، لأن لدى صاحب القرار معطيات خاصة قد ترجح خياراً على آخر، لكن ما هو خارج اطار التحليلات ان الاسابيع الاربعة الاخيرة انهكت الحكومة سياسياً، وأفقدتها الكثير من عوامل القوة التي كانت بحاجة اليها لتبقى عاملة حتى الانتخابات النيابية، وهذا الإنهاك والارهاق السياسي وفر لخصوم الحكومة في كل مواقعهم فرصاً ذهبية لوضعها في مرمى القصف السياسي او التحريض عليها، كما انها لم تعد بذات الوضع الشعبي، وحتى لو كان خيار صاحب الامر ان تبقى الى ما بعد الانتخابات، فإنها ستكون بحاجة لمن يحملها ويوفر لها قوة دفع للاستمرار.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد سميح المعايطة