هناك بعض الشخصيات والقامات الكبيرة التي لا بد أن تأخذ حقها في الشكر والتحية على أقل تقدير، ومنها الدكتور محمد خير مامسر الذي تعود معرفتي به إلى العام 1959، عندما مر على الجامعة الأميركية في بيروت في طريقه إلى مصر؛ حيث كنت ومجموعة من الزملاء في دورة متخصصة بكرة السلة في الجامعة الأميركية وبإشراف الجامعة العربية... كان د.مامسر في السنة النهائية للحصول على درجة البكالوريوس في التربية الرياضية.
امتدت علاقتي به وهو لاعب ومدرب وإداري لكرة السلة في النادي الأهلي أو المنتخب الوطني، ثم توطدت العلاقة أكثر عندما تسلم مسؤولية الرياضة في الجامعة الأردنية، وبنى أول لبنة فيها وكان نموذجا للأخ الكبير الذي يتعامل مع زملائه بمنتهى الأدب والاحترام ومد يديه لمساعدة الجميع.
بعد ذلك تطورت هذه العلاقة العملية عندما أصبح عميدا لكلية التربية الرياضية وعميدا لشؤون الطلبة في الجامعة الأردنية وأمينا عاما لوزارة الشباب ثم وزيرا للتنمية الاجتماعية ووزيرا للشباب والرياضة وعضوا في مجلس الأعيان.
الرجل الآن خارج السلطة ولهذا أكتب عنه، ولذلك فإن كلامي عنه لا هدف منه سوى الوفاء ولو بكلمة، والحقيقة تقول إنه إنسان بكل معنى الكلمة.. إنسان مؤهل خدم الرياضة الأردنية خدمات جليلة يدركها كل الرياضيين عندما كان لاعبا وإداريا ومدربا وعميدا ووزيرا وربى أجيالا متعددة، تحترمه وتشهد بأنه كان في منتهى الكفاءة والنزاهة والصراحة والوضوح والأمانة والموضوعية، حيث يدفع بعض الناس وهم كثيرون ثمن ذلك.
آخر مرة التقيت به قبل أشهر قليلة عندما كان على فراش المرض الذي بدأ يتعافى منه بإذن الله، سألني عن بعض الزملاء الذين توقع زيارتهم له في مثل هذه الظروف وأهداني كتابا وثائقيا "120 يوما وزيرا للشباب والرياضة".. عن مسيرته في مرحلة من أهم مراحل حياته عندما كان وزيرا للشباب والرياضة... إلا أنني رجوته أن يدون مسيرته الرياضية العامرة بالإنجاز العالي، ففي تاريخه الرياضي الناصع البياض تأريخ للحركة الرياضية الأردنية لا بد أن تؤرخ، لأنها ثروة في عصر الإعلام الذي أصبح من واجهات هذه الحضارة.
مدى حياتي لن أنسى شخصيتين أثرتا تأثيرا كبيرا جدا في الحركة الرياضية الأردنية هما الدكتور محمد خير مامسر والزميل الأستاذ محمد أبو الطيب رئيس رابطة رواد الحركة الرياضية والشبابية، وهذا لا يعني أنهما الوحيدان اللذان قاما بذلك، إلا أنني أعتبرهما النموذج الذي يعتز به أمثالي.
د.محمد خير مامسر أخ وصديق لكل الرياضيين.. تعامل معهم بالمستوى نفسه بدون تمييز أو تفرقة ولم تغيره المناصب أو السلطة بل بقي على رزانته وتواضعه وصدق مشاعره وصراحته ووضوحه.
ولم يتلون أبدا.. أطال الله بعمره.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة تصنيف :محمد خالد عليان جريدة الغد