1)
· في الحديث النبويّ : سيّد الشهداء حمزة .. ورجل قام إلى إمام جائر، فأمرَه ونهاه.. فقتله !
· وفي الحديث النبويّ، أيضاً : إن مِن أعظم الجهاد، كلمةَ حقّ ، عند سلطان جائر!
2)
* الكلام، هنا، في الحديثين، مقتصر على (الكلمة ) وحدَها .. وفي مواجة (السلطان الجائر، أو الإمام الجائر) الذي يحكم الشعب على أنه من أبنائه، لا على أنه محتلّ للبلاد، غريب عن الشعب !
* أمّا الكلام عن مقاومة المحتلّ الأجنبي، فله سياقات أخرى !
* وأمّا إذا ربَط السلطان الجائر إرادتَه، بإراة العدوّ الأجنبي، وصار يمارس على أبناء شعبه، مايمارسه العدوّ المحتلّ، من قتل وإجرام، ونهب وتخريب .. مدعوماً في ذلك كله، من العدوّ الأجنبي .. فللكلام، أيضاً، سياقات أخرى !
* المسألة هنا، في الحالة السورية، موضوعة، الآن، في إطار واحد، هو الكلمة العزلاء، في مواجهة سيف السلطان الجائر، المحسوب من أبناء الأمّة !
وبناء عليه، يكون الأمر كما يلي :
ـ الكلمة العزلاء، لها مكانتها الخاصّة، في فقه الجهاد والاستشهاد !
ـ الأمّة التي يحكمها الظالم، ولو كان من أبنائها، أمّة مهدورة الإرادة والكرامة، لأن الجَور لايترك لأحد من الواقعين تحت سيفه، إرادة ولا كرامة !
ـ المجاهد بالكلمة، إنسان مميّز نوعياً، بين البشر !
لأنه يقاوم السيف المجرم، بالكلمة العزلاء الناصحة، المحبّة للأمّة.. وهي الكلمة التي تقذف قائلها، بين براثن موت حقيقي، في سبيل أمّته ! لذا، صنِّفت بأنها من أعظم الجهاد، وصنِّف قائلها، بأنه سيّد الشهداء، بعد حمزة بن عبدالمطلب، عمّ النبي، أسدِ الله ورسوله !
ـ الكلمة العزلاء في مواجهة الظلم، فرض كفاية على الأمّة .. إذا لم تقلها، على لسان أحد من أبنائها، باءت بالخسران كلها ! ففي الحديث : ( إذا هابت أمّتي أن تقول للظالم: ياظالم .. فقد تـُودِّع منها !).
ـ واقع الأمم، اليوم، شعوباً وحكوماتٍ، يتيح للظلَمة، أن يمارسوا أنواعاً شتّى من الظلم، بأساليب مختلفة، مزيّنة مزركشة، مموّهة بأساليب إعلامية قويّة، شديدة المكر والخداع .. وبأساليب أمنية شديدة القمع والشراسة ! كما يتيح للشعوب، بما ملكَت من وسائل الاتصالات الحديثة، وشبكات الإنترنت .. أساليب جديدة، في المقاومة التي تهزّ كراسي الحكّام، المتجبّرين الظلمة ! وتبقى مسألة الصراع، مسألةَ فـنّيات، وأساليب مبتكرة، واستعداد للتضحية .. قبل كل شيء، من قبل الشعوب، انطلاقاً من الأحاديث النبوية، التي تعلي من شأن الكلمة وصاحبها، عند الله !
3)
الشعوب، اليوم، مختلطة، غالباً، مِللاً ونِحلاً، وعقائد ومذاهب وأعراقاً، وتوجّهاتٍ وأراء ..! ولكل فئة منها شعارات، تختلف عن شعارات الفئات الأخرى، في كثير من الاحيان، وتتناقض مع بعضها في بعض الأحيان ! ويَبرز هذا، كله، في مواحهة الشعوب لحكّامها الظلمة ..
الشعارات المختلفة، في مواجهة الظلم، إن تناقضت في ساحة المواجهة ضدّ الظلم، نَسف بعضها بعضاً، وكَسرت إرادة الشعوب في مواجهة جلاّديها ..!
وإن أقصى بعضها بعضاً، شلّ الإقصاء شرائح كثيرة من الشعوب، وأقعَدها عن مواجهة الطغاة .. وفي كل ذلك، خسارة حقيقية للشعوب ومعارضاتها، ومكاسب حقيقية للحكّام الظلمة ! لذا :
· لابد من الاتفاق، بين القوى المعارِضة، على مبادئ واضحة، تستنفَر فيها الشعارات القادرة على استنفار الشعوب وتحريكها .. وكلّ يَرفع شعارَه، بما لايناقض شعارات الآخرين ! فالإسلاميون لاتحرّكهم الشعارات العلمانية، والعلمانيون لاتحرّكهم الشعارات الإسلامية ! (برغم وجود شعارات مشتركة بين النخَب، قد لاتكون كلها مشتركة بين الجماهير..) ! فمَن لايحركه شعار الحرية، قد يحركه شعار الخبز .. ومن لايحركه شعار الوطنية، قد يحركه شعار الكرامة التي يهدرها الطغاة ! ومن لايستنهض همّته شعارالعدل، قد يدفعه إلى الموت شعار: (إنّ مِن أعظم الجهاد كلمة حقّ عند سلطان جائر) ! ولكل فرد في المجتمع، شهادة من نوع ما، يَحلم بها ! فالمسلم يحلم بالشهادة التي تدخله الجنّة، يوم القيامة !
والعلماني يحلم بشهادته الخاصّة، كما يفهمها هو، ويحلم بها، حسب مرجعيته الفكرية أو العقدية ! ولاسيّما أن مصطلح الشهادة، الذي كان إسلامياً صرفاً، صارعاماً في أذهان الناس، يطلق على كل مَن قام بعمل جليل، في نظر مانحيه الشهادة ! ولا تثريب على أحد في ذلك، مادام كل إنسان قد اختار، بوعيه التامّ، وإرادته الحرّة، مايراه أصلح له، من بين الآراء والأفكار والمعتقدات .. المعروضة عليه ! وكلّ يأخذ جزاءَ عمله، من الجهة التي يعمل لحسابها، أو لإرضائها !
* ولابدّ من التأكيد، هنا، على أن تنوّع المجتمع، وتوزّع فئاته، بين مذاهب وطوائف وأعراق .. يشكّل صِمامات أمان قويّة، ضدّ قدرة أيّة فئة، من حملَة الشعارات، على الانفراد بالساحة وحدها، مهما كانت شعاراتها سامية نبيلة ! فالأكثريات والأقـليات، في مجتمع كالمجتمع السوري، لا تحسَب عددياً، على بطاقة الهوية الأسرية ! بل تحسب على ضوء التوجّهات والآراء، والأفكار الحزبية والسياسية .. الموجودة في كل تجمّع عرقي، أو طائفي، أو قبلي !
ونظنّ بعض الساسة العلمانيين المعارضين، المحسوبين ـ عدَدياً ـ على أهل السنة، مثلاً، يدركون معنى هذا الكلام جيداً، ويعرفون مدى إحساسهم الفعلي، بالانتماء إلى السنّة وأهل السنّة ! ومن خلال إحساسهم بالانتماء، يستطيعون معرفة إحساسات الآخرين المماثلين لهم، في صفوف أهل السنّة ! فمصطلح (السنّة) هو مصطلح ديني أولاً وأخيراً .. وليس مصطلحاً قبَـليا، أو سياسياً، أو وطنياً، أو عرقياً !
* خوف بعض القوى المعارضة، من شعارات بعضِها الآخر، يضعفها جميعاً، لحساب الطغيان، الذي يستبدّ بها جميعاً !
· لابدّ من التفاهم الأوليّ، الحازم والواضح .. على أن هدف المعارضات جميعاً، هو إسقاط الطغيان ..
ثم لكلّ واحدة منها، بعدئذ، أهدافها الخاصّة، التي تسعى إلى تحقيقها، في مناخ ديموقراطي حرّ !
· ينبغي تعزيز مفهوم الشهادة، لدى الشعب السوري، بسائر فئاته ! ليمكن استنهاضه ضدّ الطغيان، لتحرير نفسه وبلاده، ومستقبل أجياله.. من عبث آل أسد وفسادهم ! وكل مايحول دون تحقيق هذا الهدف، من حسابات ضيّقة، هو عبث صغير، يرسّخ العبث الأسدي الكبير، بالشعب والوطن !
· ويبقى سؤال : هل الصراحة الواردة في هذه السطور، ضرورية للتعامل الواضح الجادّ البنّاء، بين أطراف المعارضة السورية .. أم لا !؟
نحن نعنقد أن الجواب هو: (نعم) ! ومن يعتقد غيرذلك، فليعرض وجهة نظره، لعلّه يقنعنا بها .. وله منّا الشكر الجزيل !
ماجد زاهد الشيباني
المراجع
odabasham.net
التصانيف
أدب العلوم الاجتماعية مقالات