لعل المتابعين لملف "الحليب" يعلمون كم هو الوقت الذي تحتاجه دراسة استمرار صرف الحليب في الوجبات المدرسية او البحث عن بدائل اخرى. فهذ القضية احتاجت اجتماعات طويلة وكثيرة بمشاركة مسؤولين يحملون القابا ومواقع تكفي لاتخاذ قرارات استراتيجية على مستوى الدولة والمنطقة، وليس لبحث ملف الحليب! ومع ذلك فان هذا الملف لم يغلق وما زلنا حتى امس الخميس نقرأ في الصحف خبرا ان وزارة التربية "تدرس!" استمرار صرف الحليب للطلبة.
ليست وزارة التربية هي الجهة الرسمية الوحيدة التي تقرر، وهذا يدل على اهمية هذا الملف. ومع ذلك فكل هؤلاء المسؤولين يجتمعون كلما اكتشفنا خللا وتسمما في بعض مدارسنا نتيجة فساد الحليب وعدم صلاحيته، إذ يبدو ان التردد في حسم خيارات بدائل الحليب صعبة ومعقدة اكثر من الملف النووي الايراني، او حتى ملف الرئاسة اللبنانية.
من حق المواطن الذي يسمع منذ شهور عن اجتماعات لكبار المسؤولين ان يسأل لماذا لم تصل كل هذه اللقاءات الى حلول؟ وهل قضية الحليب وبدائله صعبة؟ واذا كان الحليب يصنع كل هذه الاجتماعات فكيف ببدائل النفط او اي مشكلة اخرى؟
الحليب احد عناوين التردد في العمل الاداري، فمرة نسمع ان العصير هو البديل، ومرة الحليب المجفف، فهل كل هذا حرص على القيمة الغذائية للحليب ام هي التكلفة ام قضايا اخرى؟!
هل لدى الدولة كل هذا الوقت لتنفقه على بدائل الحليب من دون ان تتخذ قرارا؟ فالحليب مادة سريعة التلف وتحتاج الى شروط صحية لبقائها صالحة للاستعمال، ونقل الحليب كل صباح عبر المدن والقرى حكاية طويلة، فاذا كانت الجهات المعنية قادرة على تأمين هذه الشروط فليكن والا فالبدائل كثيرة حتى وان كانت اقل قيمة غذائية لكنها لا تفتح ابواب التسمم الغذائي.
نتمنى ان تستطيع الحكومة ان تغلق ملف الحليب قبل ان يغلق العالم ملف ايران النووي او ملف الرئاسة اللبنانية او حتى مؤتمر الخريف!
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد سميح المعايطة