مشهد يتكرر كل عام بذات التفاصيل والاحداث، ومعاناة وشكاوى لا تتغير ولا تقل في كل موسم من مواسم الحج، وقبل ان يغادر الحجاج الى الأراضي المقدسة يستمع الناس الى كلام جميل ووعود وحديث عن تسهيلات وامتيازات ستقدم للحاج الاردني، وما ان يبدأ الموسم والى ان يعود الحجاج تبدأ الشكاوى ولا تنقطع من الوزارة والشركات.
وبعيدا عن التفاصيل فإن سؤالا كبيرا نطرحه على وزارة الاوقاف: هل يمكن ان نصل الى موسم حج بلا شكاوى وتذمر وملاحظات او على الأقل بالحد الادنى من هذه الشكاوى؟ والاجابة يجب ان تكون هدفا للوزارة والحكومة، فلا يعقل ان يتكرر نفس المشهد وذات التفاصيل كل عام من دون ان نستفيد من تجاربنا او على الأقل نقلل من معاناة الناس.
لو فتحنا باب سرد الشكاوى والملاحظات التي نسمعها من الحجاج لاحتجنا الى صفحات طويلة، وهي تتوزع ما بين مواصفات السكن وبعده عن الحرم المكي او مخيمات منى وعرفة او غيرها من القضايا، لكن المظلة الكبرى لكل هذا ان القصة ذاتها تتكرر، وربما يكون من الاسباب عدم التزام بعض الشركات بحقوق الحجاج، ومنها ضعف رقابة الوزارة، ومنها ايضا الصورة الجميلة التي ترسمها تصريحات وزارة الاوقاف، ومنها ايضا ان فئة من الحجاج لا تتوقع المعاناة التي تصاحب موسما مزدحما مثل موسم الحج.
هذه المعاناة التي لا علاقة لها احيانا بالخدمات بل بالموسم نفسه، كما ان الحاج يفاجأ احيانا بالتكلفة العالية للمواصلات من السكن الى المسجد الحرام حيث يدفع الراكب (20) ريالا اي حوالي (4) دنانير لمسافة (3كم) ومثلها ايابا، واذا اراد الذهاب مشيا على الاقدام يجد انها مهمة شاقة وبخاصة اذا اراد الذهاب الى المسجد اكثر من مرة كل يوم.
القصص والحكايات كثيرة، بيد أني سأروي حكاية واحدة عن مجموعة من الحجاج عددهم (36) حاجا، تعطلت حافلتهم اثناء النفرة من عرفات الى المزدلفة، وكما يقول احد هؤلاء الحجاج فإنهم اتصلوا بالبعثة فكان الجواب "دبروا حالكم"، فركب هؤلاء في احد الباصات ودفعوا اجرة مجموعها (3000) ريال اي حوالي (600) دينار اردني، طبعا عندما يدفع حجاج مثل هذا المبلغ يكون من الطبيعي ان يشعروا ان الامور ليست كما يجب.
شكاوى كثيرة محورها ايضا اداء بعض الشركات والتزامها، طبعا قد لا يعلم الكثيرون ان الوزارة ليس لها الا الرقابة لاداء الشركات فضلا عن مسؤولياتها عن البعثات الطبية والادارية والاعلامية, لكن الرقابة تحتاج الى آليات اكثر جدوى.
ولعل من الضروري ان يكون خطاب الوزارة قبل موسم الحج واقعيا، اي ان تتحدث للحجاج عما هو موجود وعن المعاناة التي تصاحب هذا الموسم، وعن معنى ان يكون السكن على بعد 3كم من المسجد الحرام، معناها من حيث تكلفة المواصلات او المشقة في المشي، لكن يبقى السؤال: أليس بإمكان الوزارة ان تحسن من مستوى سكن الحجاج وبخاصة من حيث البعد عن الحرم؟
هنالك شكاوى اخرى تسمعها من الحجاج الذين حصلوا على تأشيرات متأخرة من السفارة السعودية وتعاقدوا مع بعض الشركات وكيف انهم لم يحصلوا على حقوقهم وبخاصة في مخيمات منى، وشكاوى حول نشاط البعثة الطبية وشكاوى اخرى حول فعالية بعض المرشدين الدينيين, وكلها شكاوى ليست جديدة بل هي في كل عام وهذا يعيدنا الى ما بدأنا به هذا المقال من ضرورة السعي نحو حلول جذرية للمشكلة المتكررة في مواسم الحج، وعلى الوزارة ان تستغل المسافة الزمنية الطويلة التي تفصلنا عن موسم الحج القادم لتعيد تقييم الاداء ليس بشكل شكلي، او عبر تقارير ورقية لا يقرأها احد بل بالذهاب الى الثغرات والمشكلات بغض النظر عن اسبابها، إن كانت من الوزارة او الشركات او البعثات المرافقة او من الوعي وادراك طبيعة الموسم فلكل مشكلة حلول او اقتراحات لحلول.
سنبقى نأمل ان نصل الى مرحلة يكون فيها موسم الحج لا يحمل إلا الطبيعي من المشكلات، فهل نصل الى هذا أم أن الوزارة لا تستطيع فعل اكثر مما تفعل، وقدراتها محدودة في الادارة والرقابة والتوعية؟
المراجع
alghad.com
التصانيف
صحافة جريدة الغد سميح المعايطة