سأكتب هذا المقال قبل الاطلاع على نتائج الاستطلاع الذي اعلن مركز الدراسات الاستراتيجية نتائجه امس حول الحكومة بعد (100) يوم من انطلاقها، ليس تجاوزاً للاستطلاع الذي نحترم وجوده كإحدى آليات قياس الرأي العام بل لنذهب نحو جانب آخر في قياس رأي الناس ربما يتطابق مع بعض نتائج الاستطلاع او يختلف معها.
الناس بعد (100) يوم يعنيهم من الحكومة ما شهدته حياتهم من تغييرات معيشية، ليس اهمها زيادة الخمسين ديناراً على الراتب، بل الاستنزاف الكبير للرواتب نتيجة الارتفاعات الشاملة التي وصلت الى كل شيء. فهذه الايام المائة شهدت ارتفاعات عدة على بعض السلع والخدمات، ومنها المشتقات النفطية التي ارتفع معظمها مرتين، فكل شيء ارتفع ودخلت الحكومة في ذاكرة الاردنيين باعتبارها صاحبة هذا الفعل.
(100) يوم صعبة على الناس، وربما ستكون كذلك لو كانت اي حكومة اخرى، لكن ما دامت موجودة فانه يسجل عليها. سمع الناس الكثير عن البدائل والحلول، لكن ما وجدوه امامهم انهم هم البديل الوحيد لمواجهة كل المتغيرات الاقتصادية. ولم يشفع كل التضامن الحكومي مع الناس في منع تحويل الكاز من مصدر التدفئة الشعبي الى مادة برجوازية، فالتنكة وصلت الى (13) دينارا اي تضاعفت خلال المائة يوم من عمر الحكومة.
وخلال هذه الايام المائة حصلت الحكومة على رقم قياسي في الثقة وقريب منه لمشروع الموازنة من ممثلي الشعب، لكن الارقام لم تقدم دعماً لشعبية الحكومة، وانما استنزاف مكانة المجلس لدى الناس، فالثقة بهذا الرقم الكبير لبرنامج صعب على الناس! ومع ادراك الناس للظروف الخارجة عن ارادة الدولة، مثل اسعار النفط العالمية، الا انها تدرك ان الحكومة لم تتعب في حماية الناس، فحتى حمايتهم من استغلال السوق او من القطاع الخاص الذي لم ينصف بعضه العاملين فيه لم تتم.
(100) يوم لم تقدم الحكومة نفسها للاردنيين في عمل سياسي! فبعض المفاصل السياسية كانت ضعيفة، وعرف الناس ان الحس السياسي لبعض الفريق الوزاري لا يكاد يُلمس. ويبدو احياناً ان الرئيس يعمل وحده، وهذا ليس مدحاً، فيفترض ان كل الحكومة تعمل في مواجهة التحديات.
صحيح ان الحكومة سحبت مشروع النقابات، وتحدثت عن تغيير لقانون الاجتماعات العامة، لكن هذا لا ينفي ان كثيراً من مجالات العمل السياسي الداخلي لم تقم الحكومة بما يجب تجاهها.
سنبقى نقول ليس لهذه الحكومة، بل لكل حكومة، إن الأردنيين مستعدون لحمل اي عبء عن وطنهم، لكن ضمن رؤية واضحة وسياسة متكاملة وحكومات قوية تبعث الدهشة لدى الناس من رموزها وحضور طاقمها وليس الدهشة السلبية.
المراجع
assawsana.com
التصانيف
صحافة جريدة الغد سميح المعايطة العلوم الاجتماعية