نحتاج من حكومتنا في هذه المرحلة الحساسة التي تُدق فيها طبول الحرب على سورية، والتي من الممكن أن لا تنحصر بحدود معينة؛ نحتاج إلى الدقة والحرص والشفافية. 
فهذه العناوين ضرورية في هذه المرحلة التي يعيش فيها الشارع على أعصابه، بانتظار النتيجة النهائية فيما يتعلق بالحرب على سورية. فالشارع يتابع، أولا بأول، الأخبار المتعلقة بالنقاشات الدائرة الآن في الكونغرس الأميركي، وما ستسفر عنه من نتائح، وفيما إذا كان الكونغرس سيوافق الرئيس الأميركي على توجيه ضربة عسكرية لسورية. والشارع يتابع أيضا الحراك الدبلوماسي الروسي، وفيما إذا كان سيمنع الضربة العسكرية الأميركية. ويتابع أيضا ما يصدر من تصريحات حكومية فيما يتعلق بالحرب على سورية، وموقف الأردن منها. 
المتابعة الشعبية لها مبررات. فسورية جارة وشقيقة، وما يحدث فيها يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على الأردن والأردنيين. لذلك، ومنذ بداية الأحداث، فإن الحدث السوري لم يغب عن بيوت الأردنيين ونقاشاتهم واهتماماتهم؛ فمنهم من حاول مساعدة اللاجئين السوريين الذين تدفقوا وما يزالون يتدفقون إلى المملكة، ومنهم من تبنى موقفا سياسيا معارضا للنظام السوري بشدة، ونظم عشرات المسيرات والاعتصامات والمظاهرات المنددة بما يحدث هناك من قتل وتدمير، محملين النظام السوري مسؤولية ذلك. ومنهم من حمل المعارضة مسؤولية ذلك، ووقف وأيد النظام، باعتبار ما يحدث مؤامرة تستهدف نظاما يقف مع المقاومة.
الحدث السوري أصبح حدثا محليا منذ البداية. ولكنه الآن تحول ليكون في طليعة الأحداث المحلية؛ فالحرب إن وقعت، سيتأثر بها الأردن وعلى كل المستويات، وإن تفاوت حجم التأثر بحسب طبيعة وحجم ومدة الضربة العسكرية التي ستوجهها أميركا لسورية. لذلك، فإن التصريحات التي نسبت إلى رئيس الوزراء، د. عبدالله النسور، في مقابلة مع مراسلة هيئة الإذاعة البريطانية الأربعاء الماضي، حول تأييد الأردن "توجيه ضربة جراحية ومدروسة بعناية لسورية، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية"، أثارت ردود فعل مختلفة. فهذه التصريحات خرجت عن سياق الموقف الأردني الرسمي، والذي نأى بنفسه عن الضربة العسكرية منذ بداية الحديث عنها، مؤكدا أن الأردن لن يكون منطلقا أو طرفا فيها. تصريحات الرئيس تلك، والتي عاد ونفاها أول من أمس، مؤكدا على موقف الأردن المعروف والمعلن، أثارت تخوفات شعبية من جر الأردن إلى معركة ليست معركته، وأن يتأثر سلبيا بشكل مباشر بتداعيات الضربة العسكرية الأميركية. إن المرحلة تتطلب حرصا ودقة وشفافية، حتى يعرف الشارع إلى أين يسير ويتجه الموقف الحكومي. التصريحات الحكومية المتناقضة تثير البلبلة والارتباك والخوف، لاسيما أن الأردن بنى استعداداته للحرب المفترضة على سورية من منطلق أنه غير مشارك فيها، وليس طرفا فيها بأي شكل من الأشكال.
التصريحات الرسمية المتناقضة تثير التساؤلات وردود فعل متباينة، نحن في غنى عنها في هذه المرحلة. المطلوب هو الصدق والحقيقة والشفافية والصراحة.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  محمد سويدان   جريدة الغد