يخطئ من يعتقد أن الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للمقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين المحتلة، وليدة لحظة ما، أو أنها مسؤولية متطرفين وعنصريين من الصهاينة، ستتراجع عنها سلطات الاحتلال لاحقا. الانتهاكات الإسرائيلية جزء لا يتجزأ من مخططات إسرائيلية لاستيطان وتهويد المدن الفلسطينية، وما تضمه من مقدسات مسيحية وإسلامية، وإرث حضاري وتاريخي عربي. والانتهاكات ما هي إلا خطوات تهويدية، تشتد في فترات، وتتراجع قليلا في محطات معينة، وتعود مرة أخرى لتشتد وتقوى. وطبعا، دائما تستفيد من حالة الضعف والوهن العربيين.
بالأمس، تحدث بطريرك القدس/ اللاتين فؤاد الطوال في رسالة الميلاد عن التحديات التي تواجه المسيحيين والمقدسات المسيحية في فلسطين والقدس. ومن أبرزها مخططات إسرائيل للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، لتنفيذ مخططاتها. ولا تسلم الأراضي التي يمتلكها مسيحيون أو مسلمون من هذه المخططات.
كما كشف البطريرك عن توجه إسرائيلي لفرض الضرائب على الكنائس المسيحية، في محاولة لتغيير وضع قائم منذ 20 عاما وأكثر، يتمثل في إعفاء الكنائس من الضرائب. نعم، هناك محاولات إسرائيلية لتغيير الواقع في الضفة الغربية والقدس لصالح إسرائيل، على حساب الفلسطينيين العرب، بغض النظر عما إذا كانوا مسيحيين أم مسلمين.
وكان لافتا في رسالة البطريرك قوله: "لا يمكن أبداً القبول بأن يُفرضَ واقع الظلم علينا بالقوة وبشكل جائر، فمنطق القوة المتَّبَع (من قبل إسرائيل) لا يمكن أن يصبح أساساً لحقوق جديدة، ولا يحق لنا نحن المسيحيين أن نلتزم الصمت أو الحياد السلبي". منذ أن احتُلت فلسطين، والمسيحيون العرب يقاتلون الاحتلال الإسرائيلي جنبا إلى جنب مع أشقائهم المسلمين، ويقدمون الشهداء والتضحيات. إن مواجهة الاحتلال معركة يشترك فيها الجميع، ولا تتوقف عند طرف دون الآخر.
وبالأمس أيضا، رفض الأردن قيام إسرائيل الأسبوع الماضي بإنشاء مخفر لشرطتها، وزرع كاميرات مراقبة في ساحة الصخرة المشرفة بالمسجد الأقصى. من خلال هذه الخطوات، تسعى إسرائيل إلى فرض الأمر الواقع في القدس. فالانتهاكات الإسرائيلية للقدس والمسجد الاقصى وقبة الصخرة لا تتوقف. وبالرغم من التحذيرات المتكررة التي تصدر، إلا أن إسرائيل لا تلتفت إليها، وتواصل عملها، لفرض مخططاتها. وبالأمس أيضا حذرت السلطة الفلسطينية من أن إسرائيل بمخططاتها واعتداءاتها على المواطنين الفلسطينيين -وكان آخرها استشهاد الفلسطينيين صالح ياسين ونافع السعدي اللذين قتلتهما سلطات الاحتلال الإسرائيلي- تُفشل المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية.
للأسف، ما تزال السلطة الفلسطينية تؤمن بالمفاوضات، وبأنها، مع ضغوط أميركية، ستؤدي إلى نتيجة إيجابية، مع أن كل المؤشرات والدلائل تؤكد عكس ذلك.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة محمد سويدان جريدة الغد