منذ أن بدأ امتحان الثانوية العامة "التوجيهي" للدورة الشتوية الحالية، ونحن نسمع عن محاولات للغش والتغشيش. وهناك دائما "ابتكارات" على هذا الصعيد. 
فأمس، نشرت "الغد" خبرا عن إلقاء القبض على خياطين، أحدهما وافد، يعملان في مخيطة للملابس، و9 طلاب في الثانوية العامة تواجدوا في المخيطة لتثبيت سماعات داخل ملابسهم، بهدف استخدامها للغش في امتحان "التوجيهي". كما نشرت أخبار عن محاولات تغشيش عن طريق مكبرات الصوت، ما أثر على أداء طلبة آخرين؛ وكذلك ضبط 7 سماعات لاقطة، ومثلها من الأجهزة الخلوية الموصولة بطرق فنية، مع سبعة مشتركين نظاميين في الامتحان، من بينهم 5 طالبات في لواء ماركا. وهناك العديد من محاولات غش كُشفت، وأخرى لم تُكشف. 
يظهر من المحاولات المتنوعة، إصرار بعض الطلبة وأصدقائهم، وفي بعض الأحيان عائلاتهم، على الغش في امتحان "التوجيهي" مهما كانت الظروف أو العواقب. وبدلا من الالتفات للدراسة والتحضير والاستعداد للامتحان، فإن البعض يبتكر أساليب غش؛ منها ما هو معروف سابقا، ومنها الجديد غير المكتشف والمبتكر. وللأسف، يطوّع البعض وسائل التكنولوجيا الحديثة والاتصالات لخدمة الغش؛ فتُركّب السماعات اللاقطة، وتُستخدم الهواتف الخلوية وغيرها لتغشيش طالب أجوبة الامتحان، حتى يتمكن من خداع الجميع بأنه قادر على النجاح في "التوجيهي". ويعرض البعض نفسه لمخاطر، منها صحية. فالطالبة التي زرعت سماعتين دقيقتين في أذنيها، بحيث تصعب رؤيتهما بالعين المجردة، أُدخلت المستشفى، وجرى تدخل طبي لإزالة السماعتين، لأنهما ملتصقتان بطبلتي الأذنين، ما يجعل انتزاعهما أمرا غير سهل!
إن هذه المحاولات الغريبة والمبتكرة والمحفوفة بمخاطر جمة، تدفعنا إلى التساؤل عن الأسباب التي تدفع الطلبة لتعريض أنفسهم وأسرهم لمثل هذه المخاطر، فقط من أجل الغش في الامتحان، مع أن الدراسة والتحضير والاستعداد هي الطريق الأقصر والأسهل للوصول إلى النجاح والتقدم الأكاديمي.
لن يوصل الغش الطلبة لتحقيق الكثير. فإذا تمكنوا الآن من خداع الأساتذة والتحايل على الإجراءات المشددة، فماذا سيفعلون في المستقبل خلال التعليم الجامعي وبعده؟ كيف سنثق بمن غش لمعالجتنا، إذا ما أصبح طبيبا؛ أو تقديم الأدوية لنا إذا ما صار صيدلانيا؟ أو هل سنأتمنه على بناء بيت لنا إذا ما كان مهندسا؟ إلى غيرها من المهن التي يمكن أن يدرسها البعض وينجح فيها بالغش والخداع. 
ومع أن الغش في الامتحانات ليس أمرا خاصا بنا، فدائما هناك طلبة في كل مكان من العالم يفضلون النجاح "السهل" بالغش على النجاح نتيجة للدراسة، إلا أن الظاهرة توسعت مؤخرا كثيرا، وخصوصا في امتحان "التوجيهي". 
كل ما يحدث في هذا الامتحان، يؤكد على ضرورة تطويره ليواكب المستجدات، وليتم القضاء على السلبيات.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  محمد سويدان   جريدة الغد