سيحل رئيس الوزراء العراقي ضيفا على عمان بعد أيام، وهي الزيارة الأولى له منذ توليه رئاسة حكومته. والمالكي يعلم وربما كان قريبا جدا من تيار في الحكومات العراقية يتخذ موقفا سلبيا من الأردن لاعتبارات خاصة بهذا التيار، رغم أن الأردن وقف مع العراق وحكمه الجديد، لكن هذا الموقف ليس منبثقا من اعتبارات لها علاقة بالمعادلات العراقية، بل من معادلات إقليمية نعلمها جميعا.
العلاقات الأردنية مع أطراف مهمة في معادلة الحكم والحكومة العراقية واسعة، وحتى اللقاءات الثنائية والعلاقات المتبادلة معقولة. ولعل المالكي سيصل الى عمان بعد ما يمكن وصفه بتحولات في جوهر موقفه ومعادلاته داخل العراق التي مثلتها العمليات العسكرية التي قام بها عبر الجيش العراقي ضد حلفائه، وربما شعر المالكي أن إيران التي تعتبر مرجع تحالفه ليست معنية بوجود حكومة عراقية حقيقية قوية، بل بمصالحها ونفوذها، ولهذا شعر أن مصالحه كرئيس وزراء لا تتناسب بل تتناقض مع التبعية لإيران.
ما يهمنا هو المصالح الأردنية والعراقية. وما يجدر أن يسمعه المالكي هو واجبه كرئيس حكومة نحو المواطنين العراقيين المهجرين من بلادهم. فالحكومة العراقية تعلم أن وجود أكثر من (600) ألف عراقي في دولة صغيرة مثل الأردن يمثل عبئا على البنية التحتية والخدمات والأمن.
والواجب الذي لم تقم به الحكومة العراقية حتى الآن هو التعامل مع المهجرين باعتبارهم مواطنين عراقيين لهم على حكومتهم واجب وحق. وللأردن على الحكومة العراقية وعلى أميركا والمجتمع الدولي واجب المساعدة على حمل أعباء هذه الاستضافة، ولهذا يجب أن يحمل المالكي معه إجابة عن هذا الملف.
ما نتحدث عنه لا علاقة للأشقاء العراقيين به، فهم ضحايا وجود احتلال غاشم دخل بلادهم أفقدها الأمن والحياة الطبيعية وفتح الأبواب أمام كل أشكال العبث من دول تبحث عن نفوذ أو تصفية حسابات وثأر من العراق العربي، وتنظيمات وأجهزة مخابرات وغيرها من أدوات العمل، لكن العراقي الذي غادر بلاده مكرها وبحثا عن الأمن ليس ملفا مغلقا، بل له حق على حكومته أن تتابع أموره ليس عبر إعفاءات التأشيرات أو إلغاء غرامات الإقامات بل عن طريق توفير حالة عراقية مستقرة تحفز العراقي للعودة الى بلاده، وملف مفتوح باتجاه تعويض الأرض والبلد صاحب الموارد المحدودة على تحمل أعباء هذا الواقع وبخاصة أن الحكومة العراقية لا تنقصها الأموال ولا النفط.
ويفترض أن يأتي المالكي الى عمان ومعه إجابات عن موضوع المعتقلين والمفقودين الأردنيين في العراق، سواء أكانوا لدى الحكومة العراقية أو الميليشيات التي يعلمها المالكي أو حتى في سجون الاحتلال الأميركي. فهؤلاء يفترض أن تقدم الحكومة العراقية واجبها في الإفراج عنهم وإعادتهم الى أهلهم. فحالة الفوضى والاحتلال ولغة الميليشيات التي سادت العراق جعلت من أي شخص مشروع قتيل أو معتقل أو مختطف، وهذا لا ينطبق على الأردنيين فقط بل حتى على العراقيين.
زيارة المالكي يمكن أن يكون على أجندتها ملفات عديدة ومهة، لكن الأهم أن يأتي المالكي الى عمان وهو يحمل قناعة أن علاقاته العربية مهمة، ولا بديل عنها، وأنها يجب أن تكون دليلا على عدم تحويل العراق الى حديقة خلفية لمن يريدون العراق ساحة نفوذ لهم وعلى حساب هويته التاريخية، وأن يأتي ليتحدث باعتباره رئيس وزراء العراق وليس بعقلية ائتلاف أو حاملا لقناعات أطراف غير عراقية أو انعكاسا لمواقف وحسابات إقليمية.
أما السفارة والسفير الأردني في بغداد. فالسفارة كان فيها دبلوماسي الى ما قبل شهرين، والحكومة تقول إنه ليس لديها مشكلة في إرسال سفير، لكن المشكلة أمنية، وتتعلق بحماية السفير والسفارة، والمالكي يعلم أن العلاقات الاقتصادية لا تواجه مشكلات حقيقية، وهي واسعة، لكن المهم أن يأتي وقد تخلص من أي مواقف سابقة وبعقلية رئيس وزراء لكل العراقيين.

المراجع

alghad.com

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   سميح المعايطة   العلوم الاجتماعية