المذكرة النيابية التي وقعها 87 نائبا لطرح الثقة بالحكومة لعدم التزامها بطرد السفير الإسرائيلي من عمان، وسحب السفير الأردني من تل أبيب، أثارت ردود فعل مختلفة ومتباينة. فالبعض اعتبر أن المذكرة تدخل في باب المناكفات النيابية مع الحكومة الحالية، وخصوصا فيما يتعلق بتوزير النواب. والبعض الآخر اعتبرها محاولة لتلميع النواب، وتحسين صورتهم في المجتمع ولدى دوائرهم الانتخابية، لا سيما أن الموقف الشعبي معاد لإسرائيل، والنواب في أمسّ الحاجة إلى تأييد شعبي، وكذلك إلى مواقف تدل على انحيازهم للوطن والقضايا الوطنية.
حتى لو كان الأمر كذلك، فمثل هذه المواقف التي تدخل في باب الانتصار للقضايا الوطنية، مهمة ومؤثرة، مهما كان حجم المحاولات للتقليل من شأنها، ومهما كانت دوافعها. فإسرائيل التي تعودت على مواقف غير فاعلة وغير مؤثرة من العالم العربي، تنزعج من أي موقف قد يؤدي إلى إجراءات، أو قد يساهم في إظهار صورتها الحقيقية.
قد يكون الموقف النيابي اتخذ لمناكفة الحكومة، ولكنه، بكل الأحوال، ساهم في تأجيج الموقف الشعبي الرافض لإسرائيل، والذي يتجلى مؤخرا في مسيرات واعتصامات شعبية نادت بقطع العلاقات مع إسرائيل، وإلغاء معاهدة وادي عربة، ردا على عدوانها المتواصل على المسجد الأقصى، والاعتداءات المستمرة على المقدسات الإسلامية والمسيحية.
قد يتراجع النواب عن موقفهم، ومن الممكن أيضا أن لا يسحبوا الثقة من الحكومة. ولكن ما أثاره موقفهم من ردود فعل مؤيدة لطرد السفير الإسرائيلي في عمان وسحب السفير الأردني من تل أبيب، والمطالبة بإلغاء اتفاقية وادي عربة، كان كافيا وحده للإشادة بهذا الموقف.
ومع ذلك، فإن النواب الذين صوّتوا على طرد السفير الإسرائيلي وسحب السفير الأردني، مطالبون شعبيا بعدم التراجع، ومواصلة الضغط بهذا الاتجاه. فإسرائيل لم ترتدع، ولن ترتدع، إلا إذا اتُخذت خطوات فعلية تؤثر عليها حقيقة وفعليا. فالحديث المتواصل من الإدانات والاستنكار لن يؤذي إسرائيل؛ فهي تعرف أن الكلام بدون فعل لا يؤثر عليها، وقد تعودت عليه، والفعل الحقيقي، وعلى أي صعيد، هو المؤثر والفاعل.
نحن وغيرنا كثر، لن يحددوا للنواب طريقهم، أو ما يجب أن يفعلوه لتنفيذ تصويتهم، فهذا الأمر شأنهم. ولكننا ندعوهم إلى عدم التراجع عن موقفهم من إسرائيل وعدوانها، وكذلك من طرد السفير الإسرائيلي. فالإصرار على الموقف هو الذي سيساهم في ردع إسرائيل. والمواقف القوية والمتشددة من إسرائيل، شعبية كانت أو رسمية، تؤثر كثيرا على إسرائيل، وتضعها في الخانة التي يجب أن تكون فيها، وهي خانة العداء للأمة.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة محمد سويدان جريدة الغد