يبدو أن ملف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية مرشح للمزيد من التصعيد. فهذا الملف حافل بالمتغيرات والأسباب التي تدعو الأسرى الفلسطينيين، ومن ورائهم الشعب الفلسطيني، إلى مواجهة مباشرة مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي. 
فالاحتلال الذي يمارس شتى أنواع العدوان المباشر على الشعب الفلسطيني؛ من خلال القتل والتدمير والاستيطان والتهويد والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية، يحاول كسر إرادة الأسرى؛ فيزيد من معاناتهم على مختلف الصعد. 
فسلطة الاحتلال في السجون، مارست أفظع أنواع التعذيب على الأسير عرفات جرادات، حتى قضى نحبه نتيجة ذلك. كما أن هذه السلطة المجرمة لا تلتفت إلى المطالب المحقة للأسير سامر العيساوي، المضرب عن الطعام منذ نحو 216 يوما، والذي توقف عن شرب الماء منذ يوم الجمعة الماضي؛ كما تواصل سياسة إدارة الظهر للأوضاع غير الإنسانية للأسرى الفلسطينيين عموما.
وقد أدت تداعيات هذا الملف إلى مواجهات مباشرة على الأرض بين الفلسطينيين من جهة، وسلطات الاحتلال والمستوطنين من جهة أخرى، ما أثار توقعات وترجيحات بتفجر انتفاضة ثالثة للشعب الفلسطيني، يواجه بها الظلم والعدوان الإسرائيليين.
وطبعا، من الطبيعي، والوطني، والإنساني، أن ينتصر الشعب لأبنائه الأسرى والمعتقلين. لكن السبب الرئيس للمواجهات هي السياسة العدوانية الإسرائيلية. فالمواجهات التي اندلعت، وستندلع لاحقا، سببها تداعيات سياسة الاحتلال العدوانية التي من جرائها تقضم الأرض وتهود، وتزرع بالمستوطنات، ويعتدى على المقدسات الإسلامية والمسيحية.
انتفاضة ثالثة ترعب الإسرائيليين، وهناك أسباب موضوعية عديدة لتفجيرها. ولكن هناك حاجة ماسة إلى سياسة عربية أكثر حزما تجاه الاحتلال الإسرائيلي، وأكثر دعما وانتصارا للشعب الفلسطيني، ليواجه السياسة العدوانية الإسرائيلية التي تتجه، حسب كل المؤشرات، إلى التشدد والعنصرية، وتصبح يوما بعد يوم أكثر عدوانية واستهدافا للشعب الفلسطيني.
إن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الرئيسة، حتى لو انشغلوا بشؤونهم الداخلية؛ فتأثيرات القضية الفلسطينية وتداعياتها، كما هو الأمر تاريخيا، تطال كل الدول العربية؛ القريبة من فلسطين والبعيدة عنها. ومن هنا، فإن العرب مطالبون، مع انشغالاتهم الداخلية، بالوقوف بشدة ضد العدوان الإسرائيلي الذي يسعى إلى تفريغ أرض من شعبها، وتهويدها، ويعتبر ذلك ممكنا في هذه الظروف الخطيرة التي تمر بها الأمة العربية.
لا تكفي الإدانة والبيانات التي لا يخشاها المحتل؛ بل يجب أن يكون هناك تحرك عربي على الأرض، يدعم الفلسطينيين، ويتصدى لسياسة الاحتلال. إنها مرحلة حساسة، وأي تهاون على هذا الصعيد سيؤثر سلبا على الوطن العربي، لسنوات طويلة.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  محمد سويدان   جريدة الغد