في الأزمات، وفي الحروب، وفي الظروف الصعبة، تتسيد الإشاعة المشهد، فينتشر الكثير من المعلومات المغلوطة بين الناس وكأنها حقائق! وتجد أن البعض يتفنن في نسج الإشاعة وترويجها لتصل إلى أوسع قطاع من المواطنين. 
الإشاعة لدى البعض سلاح يهدف إلى القضاء على آخرين، أو إضعافهم للتنازل عن المواقف والمصالح. ولخطورة الإشاعة، فإن التحذيرات منها تاريخية. وهي تستدعي الحذر، والانتباه، والمواجهة، من خلال التركيز على الحقائق والمعلومات الصحيحة. ولطالما استخدمت الإشاعة في الحروب لتدمير المعنويات وقتل الإرادة. كما تستخدم في حالات السلم لتحقيق الأهداف والمصالح، وتدمير الأشخاص معنويا. وطبعا في هذا الزمن، ومع تطور وسائل الاتصال وانتشار الإنترنت والمواقع الإلكترونية والاجتماعية، تستخدم الإشاعة للإساءة للأشخاص، أو المؤسسات، أو الهيئات العامة والخاصة والأهلية، لغايات تحقيق المصالح الخاصة. 
في هذه الفترة التي تشهد حركة سياسية ومجتمعية نشطة، تتمثل في حراكات شعبية وشبابية تطالب بالإصلاح، والاستعداد لانتخابات نيابية، نجد انتعاشا كبيرا لمروجي الإشاعات. فاليوم، تكثر الإشاعات بمختلف الأشكال والألوان. وفي كل يوم تنتشر معلومات مغلوطة عن أشخاص أو تجمعات أو هيئات، والهدف هو المصلحة الشخصية.
البعض الآن يستخدم الإشاعة لغايات إضعاف المنافسين المتوقعين في الانتخابات النيابية المقبلة، أو لتشويه بعض النشطاء السياسيين والمجتمعيين، أو لابتزاز رجال الأعمال والشخصيات العامة. ونجد من يسعى بكل الطرق والإمكانيات إلى نشر الإشاعات والاستفادة من الأجواء لصالحه، ولا يهتم أبدا للمصلحة العامة، ولا لتأثير الإشاعات التي يروجها على المجتمع والأشخاص المعنيين.
لذلك، فإننا نسمع الآن الكثير من الروايات والأخبار والمعلومات المغلوطة وغير الصحيحة والمفتعلة، عن سياسيين ونشطاء ورجال أعمال وغيرهم، لإثارة الرأي العام ضدهم، وإضعافهم إلى أقصى درجة.
لن يتوقف مطلقو الإشاعات؛ فهذا السلاح المجرب يؤدي في أحيان إلى تحقيق أهداف ومصالح مستخدميه بأضرار قليلة عليهم، ولكن بكلفة عالية على المجتمع. ومهما قيل لثنيهم عن الإشاعات، فلن تنجح هذه المحاولات. مع ذلك، فإنه بالوعي والتدقيق في المعلومات التي تضخ عبر وسائل عديدة، يمكن مواجهة الإشاعات والتقليل من أضرارها.
في الانتخابات النيابية، فإن الناخبين معنيون بمعرفة الحقائق عن المرشحين. والأفضل في هذه الحالات الاهتمام بالبرامج الانتخابية وتجارب المرشحين في الحياة العامة، والابتعاد عن أنصاف الحقائق، ونبذ المعلومات المغلوطة والإشاعات.
وفي غير الانتخابات النيابية، فان على المواطنين التفريق بين الغث والسمين، وبين الصحيح والخاطئ، وبين الإشاعة والمعلومة الصحيحة. فلا يجب تصديق كل ما يقال، وكل ما ينشر.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  محمد سويدان   جريدة الغد