تنتشر في العديد من شوارع العاصمة يافطات علقتها الهيئة المستقلة للانتخاب، تحذر من تدخل المال السياسي في الانتخابات النيابية المقبلة التي من المقرر أن تجرى في الثالث والعشرين من الشهر المقبل. وتأتي هذه اليافطات/ الشعارات ضمن حملة لتوعية المواطن بخطورة المال السياسي، وتأثيراته السلبية على نتائج الانتخابات، وبالتالي على تركيبة مجلس النواب المقبل ودوره في العملية التشريعية والرقابية. 
وهذه الشعارات تخاطب مشاعر وعقول الناخبين والمرشحين، لعلها تتمكن من الحد من تدخل المال السياسي في الانتخابات النيابية. ولكن الأهم من هذه الشعارات هو الخطوات والإجراءات الفعلية على الأرض. فمهما كان تأثير الحملات الدعائية، إلا أنها لا تستطيع وقف استخدام ما اصطلح على تسميته بـ"المال السياسي" في الانتخابات. فهناك أشخاص مستعدون لإنفاق أموال طائلة للفوز بالانتخابات. ومن أبواب هذا الإنفاق شراء الأصوات وذمم بعض الناخبين بالأموال. 
وقد استخدم المال في انتخابات نيابية سابقة في هذا الباب. وهناك أمثلة موثقة لدى مراكز ومنظمات حقوق الإنسان حول شراء الذمم والأصوات في انتخابات سابقة. كما أن هناك العديد من الروايات الشعبية التي تذكر أسماء نواب وصلوا إلى مقاعدهم النيابية عن طريق المال السياسي.
الآن، وقبل شهرين من الانتخابات النيابية، يتداول كثيرون أنباء وأخبارا وقصصا حول استخدام بعض الأشخاص للمال من أجل شراء الأصوات، والتأثير على الناخبين للإدلاء بأصواتهم لهؤلاء الأشخاص. وطبعا قد يكون بعض هذه الأخبار غير صحيح، وهناك تهويل، إلا أن بعضها أيضاً صحيح. فالتجرية علمتنا أن شخصيات معينة مستعدة لشراء الأصوات، لاسيما أنها غير شعبية، ولا تملك البرامج السياسية والاقتصادية والفكرية التي تؤهلها للفوز بالانتخابات من خلال إقناع الناخب بصدقية ودقة برامجها الانتخابية. وبالتأكيد، فإن مثل هذه الشخصيات ستخوض الانتخابات المقبلة، ولن تتوانى عن استخدام المال السياسي للفوز بمقعد نيابي. 
لذلك، فإن الحملات الدعائية قد تقنع ناخبين برفض بيع أصواتهم، ولكنها لن تقنع آخرين بذلك، لاسيما عندما يتم الحديث عن مبالغ كبيرة لشراء الأصوات. كما أن هذه الحملات لن تقنع مرشحين مستعدين لاستخدام المال السياسي، فهؤلاء يعرفون تماما أنه طريقهم إلى المقاعد، ولا شيء آخر، لأنهم يفتقدون إلى الأشياء الأخرى المهمة، وهي البرامج السياسية، والمصداقية، والتأثير الشعبي.
لا يمكن مقاومة المال السياسي، أو الحد منه ومن آثاره، إلا بإرادة فعلية وحقيقية تسعى إلى ذلك. فعندما يفهم ويشعر الجميع أن هناك رقابة فعلية وحقيقية، وعقوبات على من يستخدم المال السياسي، عندها سيتم الحد من استخداماته وتأثيراته على العملية الانتخابية ونتائجها.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  محمد سويدان   جريدة الغد