السيماء والسيمياء مدُّا وقصرا بمعنى العلامة في لسان العرب ،وعليها أدلة من شعر ونثر ومثل ، بعضه قبل نزول القرآن الكريم ، وبعضه بعد نزوله ، إذ أكدت خمس عشرة آية معناه العلامة، وهي التي وردت في مادتي : "وسم " وسوم " واشتقاقاتهما في الآيات المذكورة ، جلت المعنى مادة " سوم "ثماني مرات و"وسم "سبع مرات ، فشملت معانيهما التعذيب النفسي لليهود ، وتذكيرَهم بالعذاب الذي ذاقوه من فرعون ،كما شملت علاماتِ الملائكة المعلَّمين على خيل بلق في بدر ، ونالت الخيلُ فيها سمتين تحبِّبهما للناس هما الغرة والتحجيل ، ونالت منها الحجارة المسومة من طين ، وهي التي قذف بها قوم لوط للفاحشة ، واشتملت النباتات المسومة سمات كغيرها مما ذكر ، فالشجر مسوّم تأكلُ منه الأنعام ،وانماز المؤمنون بسمات منها : بيض الوجوه ، لكثرة سجودهم لله ، وللكافرين سمات الاسوداد ، وللمنافقين سماتٌ في لحن القول ، كما أنَّ لفقراء المدينة المنورة سماتِ التعفف ، يعرفون بها ، يحسبُهم الجاهل أغنياء لعفتهم ، لأنهم لا يسألون الناس إلحافا .
و السيمياء من " وسم " واشتقاقاتها في أحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بلغت (45) خمسا وأربعين مرة، ووردت بمعنى الموسم (23) ثلاثا وعشرين مرة ، وفي الشعر وردت سيماء(ممدودة):
غلام رماه الله بالحسن يافعا له سيماء لا تشقُّ على البصر
ووردت مقصورة :
ولهم سيما إذا أبصرتهم بيَّنت ريبةَ من كان فعل
ووردت عند الجاحظ بمعنى الفهم والإفهام مضمنة عنده في باب البيان الذي هو جامعٌ لكلِّ شيء، يكشف قناع المعنى ، فالفهم والإفهام هما الغاية التي يسعى لها كلٌّ من المتكلم والمتلقي ،وبأي شيء بلغته الفكرة ، وذكر أصناف الدلالات الخمس على المعاني التي لا تنقص ولا تزيد وهي ملفوظة وغير ملفوظة ؛ بدءا باللفظ والإشارة والعَقد والخطِّ والحال الدالة " النِّصبة "، وفصَّل الإشارة باليد والرأس والعين والحاجب والمنكب ، ودلالة كل حركة.لها .
ولعل الجاحظ رحمه الله كان السبَّاق إلى لغة الحركات الجسدية ومعانيها من جهة والسبَّاق إلى لغة الصم والبكم من جهة أخرى ، فتلك هي إشاراته إلى حركات الدلّ والغنج وإشكال التقبل والتثني واستدعاء الشهوة وغير ذلك ، نعم لقد سبق منذ قرون سلفت غيره في ضوء ما وصلوا ، في دراساتهم ،من أمثال " ناتالي باكر في كتابه : لغة الحركات ، ترجمه توفيق شيخان " وفي كتابه المذكور رسومات لحركات الجسد ودلالاتها ، على أهمية علم الإشارة في عالم الحواسيب اليوم وعوالم إشارات الفارة وحركاتها في عوالم التقنيات الحديثة .المتطورة
أما السيمياء عند ابرز علماء الغرب من مثل دوسيسر وبيريس وغيرو ، فوردت "سيمانتيك " وسيمولوجيك " بالمعنى العربي " العلامة " والعلامة الاجتماعية "
وعلى ذلك يمكن أن نخلص للقول بان مصطلح السيميائية عرفه العرب بمعنى العلامة في موروثهم قبل أن يعرفه نقاد الغرب منذ قرن ونيف مضى ، أمَّا إن كانوا طوروه وبلغوا به شأوا بعيدا فذاك شانهم ، وما على مصطلحنا العربي" السيميائية" من عيب يشينه ، ولا لوم يدينه .
المراجع
odabasham.net
التصانيف
أدب مجتمع