انتظر أهالي الأسرى الأردنيين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية أن تفي الحكومة بوعودها، وأن تنظم لهم زيارة خلال شهر رمضان الفضيل، يطمئنون خلالها على أبنائهم الذين يقبعون في المعتقلات الصهيونية منذ سنوات. ولكن ذلك لم يحدث، بالرغم من المناشدات والاتصالات واللقاءات والوعود أيضا. وها نحن في عيد الفطر السعيد، حيث يتراحم الناس ويتواصلون مع أقربائهم وأصدقائهم، إلا الأسرى الذين لن يجدوا أحدا يتواصل معهم ويزورهم في سجونهم ومعتقلاتهم؛ فأهاليهم المتواجدون في الأردن لايستطيعون ذلك، مع رغبتهم الشديدة في رؤيتهم ومعانقتهم بعد سنوات طويلة من الغياب الإجباري القاسي والمؤلم في آن واحد.
عانى الأسرى الكثير خلال السنوات الطويلة، أو حتى القصيرة لبعضهم نسبيا ممن تم اعتقالهم في السنتين الأخيرتين، مثل الأسير حمزة الدباس الذي تم اعتقاله في منتصف تموز (يوليو) 2011 خلال زيارة لأقربائه في الضفة الغربية. وقد اعتقل حمزة بدون أي سبب، سوى اتهامات لا أساس لها من الصحة، لم تستطع سلطات الاحتلال الإسرائيلي إثباتها.
وحمزة لا يتواصل مع العالم الخارجي إلا من خلال محاميه الذي يلتقيه على فترات متباعدة. كما أن أسرته لم تستطع زيارته حتى الآن، ولا تعرف شيئا عنه، سوى المعلومات الشحيحة التي يقدمها لها محاميه عبر اتصالات هاتفية. ويعاني حمزة، مثله مثل الأسرى الأردنيين والفلسطينيين، من سوء المعاملة، ويتعرض للتعذيب لنزع الاعترافات منه، ومساومته حتى ينالوا من صموده. إلا أنهم فشلوا وسيفشلون، لأنه بريء مما اتهم به من تخطيط لتفجير السفارة الإسرائيلية في عمان، وخطف دبلوماسيين. فحمزة لم يفعل شيئا سوى دعم الفلسطينيين في قطاع غزة، عن طريق مشاركته، وبحكم عمله في نقابة المهندسين الأردنيين، في القوافل التي نظمتها النقابة وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني لتقديم المساعدة والعون المادي والمعنوي للقطاع المحاصر.
العيد يأتي على حمزة وهو بعيد عن أهله، يعاني في سجنه، ولا يعرف ما الذي ينتظره. فهو حتى الآن ينتظر أن تبت محكمة الاحتلال بالتهم الموجهة إليه. وهناك مماطلة مستمرة حتى لا تتم هذه المحاكمة، لإعطاء فرصة للسلطات لتلفيق التهمة وتثبيتها عليه.
والد حمزة، كغيره من آباء الأسرى، وُعد من الحكومة بتنظيم زيارة له ولأسرته لابنه. كما وُعد من قبل الحكومة أيضا بالعمل من أجل إطلاق سراح حمزة. ولكن للأسف، أتى هذا العيد كغيره من الأعياد وحمزة والمعتقلون والأسرى الأردنيون ما يزالون يقبعون في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، يعانون ما يعانون، ويتعرضون لأبشع أنواع انتهاكات حقوق الإنسان.
اليوم في العيد، يتمنى أهالي الأسرى الأردنيين أن يأتي عيد الأضحى المبارك و قد زاروا أبناءهم في السجون الإسرائيلية على أقل تقدير، إذ إنهم يتمنون أن يأتي العيد وأبناؤهم هنا في الأردن بين أحضانهم، وبالقرب من أحبائهم. وتحقيق ذلك ليس مستحيلا؛ فالحكومة إذا ما بذلت جهدا حقيقيا على هذا الصعيد، فإنها ستتمكن من تحقيق الإنجازات.
في هذه الأيام المباركة، مطلوب أن تلتزم الحكومة بما تعهدت به. كما أن على منظمات المجتمع المدني أن تواصل ضغوطها على الحكومة على هذا الصعيد، من خلال فعاليات شعبية متواصلة للتضامن مع الأسرى، والتنديد باستمرار اعتقالهم وأسرِهم.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة محمد سويدان جريدة الغد