لم يكن الرد الإسرائيلي على طلب عشيرة العبيدات من ابنها وليد عبيدات عدم تولي منصب سفير الأردن في إسرائيل، رداً دبلوماسيا، وإنما كان ردا استفزازيا سيئا، ينم عن طبيعة دولة الاحتلال وعدوانيتها. 
فإسرائيل اتهمت العشيرة الكريمة بالتطرف. وكان تعليق إسرائيل على موقف العشيرة سابقة غير معهودة في الأعراف الدبلوماسية. فالقضية شأن محلي بامتياز، وليس من حق إسرائيل التدخل فيه. ذلك أن اختيار سفير للأردن من حق الحكومة الأردنية، وأي اعتراض محلي على اسم السفير، هو شأن خاص، لا علاقة لإسرائيل به. وموقف العشيرة الرافض للتطبيع يؤشر على أن عشائرنا الأردنية الكريمة، والشعب الأردني كله، يرفض التطبيع.
فإسرائيل علقت على رفض العشيرة تعيين أحد أبنائها سفيرا لإسرائيل، ولم تعلق على احتجاجات الأحزاب والنقابات المهنية على الحكومة لتعيينها سفيرا في إسرائيل، ومطالبتها التراجع عن قرارها، مع أن دعوات الأحزاب والنقابات كانت واسعة ومتعددة.
إسرائيل تعرف أن هذا الموقف القوي سينعكس على المستقبل، بحيث نجد العديد من السفراء والدبلوماسيين يرفضون العمل في إسرائيل، بالرغم من أنهم موظفون حكوميون وعليهم وظيفيا تنفيذ القرارات الحكومية مهما كانت. كما أنها تعرف أن هذا الموقف المشرف من عشيرة العبيدات سيعزز من المواقف الشعبية المقاومة للتطبيع، وسيزيد من فعالية وقوة حركة التطبيع، ويعطيها زخما كبيرا في هذه المرحلة التي نشهد فيها رغبة إسرائيلية جامحة في التطبيع للتغطية على مواقفها العدوانية تجاه الفلسطينيين والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة. 
إسرائيل تعتقد أن مرحلة الربيع العربي قد ذهبت بانتباه العرب عنها وعن سياستها العدوانية، وأن الشعوب العربية مشغولة بالثورات على أنظمتها، والمطالبة بالإصلاحات الجذرية. لذلك، فإن إسرائيل تعمل من أجل استغلال اللحظة للمزيد من التطبيع والاختراق الإسرائيلي للحواجز النفسية والعقائدية والإنسانية التي ترفض التطبيع. 
ومع أن الشعوب العربية فعلا منغمسة في الأحداث المحلية الداخلية، إلا أنها لم ولن تنسى أن قضية فلسطين هي قضيتها المركزية، وأن الكثير من مشاكلها نتجت جراء وجود كيان مغتصب يمارس العدوان، ويسعى إلى السيطرة على ثروات الأمة وإمكاناتها وقدراتها وقراراتها السياسية والاقتصادية.
موقف عشيرة العبيدات الأخير هو واحد من مواقفها الوطنية والقومية الصادقة، وهي غير معنية أبدا بتصنيفات سلطات الاحتلال لها. فمواقف العشيرة تنبع من أصالتها، ووقوفها الدائم مع القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. وقد قدمت الشهداء من أجل هذه القضية، وعلى رأسهم الشيخ الشهيد كايد مفلح العبيدات، أول شهيد أردني يروي بدمه ثرى فلسطين العام 1920.
لن تتراجع العشيرة عن موقفها الرافض لتعيين أحد أبنائها سفيرا في دولة الاحتلال، وستحافظ على مواقفها المشرفة والأصيلة والوطنية والقومية. ولن ترضخ للإرهاب الإسرائيلي، والوصفات الصهيونية الجاهزة لكل من يعادي دولة الاحتلال، ويرفض الانصياع لإرادتها.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  محمد سويدان   جريدة الغد