بدءاً من يوم الجمعة الفائت تحول العالم أجمع الى كرة مستديرة سوف تستدير في التلفت الى عاصمة جنوب افريقيا "جوهانسبرغ" وتستمر حتى 11 تموز المقبل ، لمتابعة مباريات كأس العالم.
وان تحصل عاصمة على أن تكون مكاناً لمونديال كاس العالم ، فهذا يعني ببساطة ان هذه العاصمة قد استقرت سياسياً وديمقراطياً وباتت تستحق أن تكون درة المدن التي تتوجه اليها كل فرق كرة القدم في العالم ، وأن تكون قادرة على استقبال جميع مشجعي الفرق في العالم ، وأن تتحول الى مكان يوصل نهاره في ليله ، وهو يستقبل كاميرات كل الفضائيات العالمية ، هذا عداك عن البعد السياحي التي قد تستحقه تلك العاصمة بجدارة.
نعم لقد تحولت دولة جنوب افريقيا خلال العقدين الاخيرين من دولة قامعة لحقوق المواطنين السود الى دولة تعترف بحق سكانها السود الاصليين ، الذين ناضلوا طوال عقود طويلة لاسترداد حقوقهم التي سرقها منهم الرجل الأبيض.
ان المسافة التي قطعتها جوهانسبرغ بين تسمين وتوريم سرطنة القوى المحتلة ، وبين العودة الى احقاق الحق لأهله ، ومنح السكان الاصليين حقوقهم المدنية بأن يتوازى الرجل الاسود مع الرجل الأبيض بالحقوق. هي معجزة جنوب افريقيا.
يوم افتتاح مباريات كأس العالم في جوهانسبرغ ، كان هناك الرجل البسيط الذي ظهر على شاشة العرض امام الجماهير يرحب بهم ويعتذر عن عدم حضور هذه الاحتفالية التي تأتي بالفعل كقطاف لجهوده النضالية ، موضحاً ان سبب عدم حضوره هو وفاة ابنة حفيدته قبل افتتاح المباريات بيوم،.
انه المناضل "نيلسون مانديلا" الذي مكث يقارع الاحتلال العنصري لجنوب افريقيا لما يزيد على الثلاثين عاماً من داخل زنزاته الضيقة ، واستطاع أن يقود حركة ثورية استطاعت في النهاية ان تقهر هذا الاحتلال وتجبره على أن ينصف حقوق السود في وطنهم.
يوم الجمعة الفائت ولحظة افتتاح مباريات كاس العالم كانت قامة نضالية مسالمة بزيها الخاكي البسيط ، وبملامحها الابوية النادرة ، والحانية ، تظلل سماء جماهير الحضور في ستاد كرة القدم لتبارك كل هذا الحضور العالمي المسالم والمعافى.
ان العالم وهو يستدير بالتفاتة كاملة نحو كرة القدم في جوهانسبرغ هو يلتفت في الاصل الى شعب استطاع ان يقود العالم الى مدينته ، والى قوى احتلالية ادركت في وقت مبكر ان المستقبل للشعوب التي تبحث عن الحياة. وليس للقهر والاحتلال الذي بات يتحول الى حادثة بشعة ومتوحشة في ذاكرة الشعوب.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خليل قنديل جريدة الدستور