مشكلة انقطاع المياه المتكررة التي تعاني منها قرى ومناطق في المملكة، لم تكن وليدة اللحظة، وإنما نتيجة لسياسات وإجراءات حكومية على مدار سنوات طويلة. نعم، تتفجر هذه المشاكل في فصل الصيف، لكنها ممتدة على طول العام. ونقص المياه يسبب معاناة شديدة لآلاف المواطنين في كافة محافظات المملكة، تقريبا. فباستمرار هناك شكاوى من نقص المياه ولمدد طويلة، تدفع المواطنين إلى شراء المياه من القطاع الخاص؛ بأسعار عالية، وبجودة متدنية. وبالرغم من تعدد الشكاوى، واتساع نطاق المعاناة من نقص المياه، وقلة الضخ، إلا أن استجابة وزارة المياه والري، لمعالجة هذه المشكلة لم تكن بالمستوى المطلوب. نسمع، وتصلنا شكاوى من مواطنين في عمان والعديد من المحافظات، لم تصلهم المياه منذ عدة أسابيع، وفي بعض الأحيان أشهر، ولم يجدوا أي استجابة من قبل الوزارة لشكاواهم. للأسف، فإن المعاناة من نقص المياه لا تقف حدودها عند أسبوع أو شهر، وإنما تمتد أكثر من ذلك، وتحت نظر وسمع وزارة المياه.
إن تواصل معاناة المواطنين من قلة ضخ المياه يؤشر، بشكل لا لبس فيه، إلى عدم التزام الجهات المختصة بالواجبات والمهمات الموكلة لها. كما يؤشر إلى عدم احترام هذه الجهات لمعاناة المواطنين. فهذه الجهات لم تتحرك لمعالجة المشكلة، مع أن آلاف الشكاوى وصلتها. 
تحرك وزارة المياه والجهات المعنية بعد زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني الأخيرة لقرية الطيبة في محافظة الكرك، وإيعازه للمسؤولين بحل مشكلة المياه في المملكة، يظهر أن هناك إمكانية لمعالجة هذه المشكلة، أو على الأقل الحد منها. ولكن، هناك جهات حكومية تقصر في عملها، وتترك المشاكل تتفاقم وتتصاعد، حتى يعاني منها قطاع واسع من المواطنين، ما يزيد من الأزمات والاحتقانات. 
يجب على المؤسسات الحكومية أن تتعلم كيفية الإصغاء إلى شكاوى المواطنين والرد عليها، وقبل ذلك معالجتها. سمعنا كثيرا عن الرقابة على الأداء الحكومي، ولكن، ما يزال الكثير من الوزارات والمؤسسات يتعامل مع المواطنين بطريقة غير حضارية، ولا يهتم بشكاواهم أو بملاحظاتهم، ويعتبر أن همه الأخير معالجة مشاكل المواطنين وليس همه الأول.
لو كانت وزارة المياه تهتم بالشكاوى، لقامت بعلاجها، ولما تفاقمت. ولو احترمت الوزارة والمؤسسات التابعة لها حق المواطن في الحصول على حصته من المياه، لما تركته أشهرا بدون مياه. ولو تمت محاسبة الجهات المقصرة، لما وصلت أزمة المياه إلى هذا المستوى المحرج الذي دفع الملك إلى التدخل والإيعاز للحكومة لحل هذه المشكلة.
يتغنى المسؤولون باستمرار بالمواطن، وبضرورة تقديم الخدمات المناسبة له. ولكن على أرض الواقع، فإن المواطن وهمومه آخر أولويات الكثير من المسؤولين الذين لا يتذكرون المواطن إلا أمام كاميرا التلفزيون أو في حديث صحفي أو إذاعي.
من المؤكد أن السياسات الحكومية، وتعامل الحكومة بوزاراتها ومؤسساتها المختلفة، مع القضايا المجتمعية والوطنية هي أحد الأسباب الرئيسة، إن لم تكن السبب الرئيس، وراء المشاكل والظواهر السلبية في المجتمع. لذلك، فإن هناك حاجة ماسة إلى تفعيل دور مجلس النواب بالرقابة على أداء الحكومة، ومحاسبتها عند التقصير وعدم التعامل المناسب مع هموم ومشاكل وقضايا المواطنين.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  محمد سويدان   جريدة الغد