تجربة نقابة المعلمين في العمل النقابي جديدة؛ إذ لا تتجاوز أربعة أشهر. إلا أن مجلسها يسعى بكل قوة لإثباتها على صعيد العمل النقابي للمعلمين، وكذلك في العملية التربوية التعليمية. ومن المؤكد أن تتمكن النقابة من إثبات وجودها وقدرتها، تماما مثل النقابات المهنية الأخرى التي استطاعت عبر تاريخها، أن تثبت من خلال العمل المتواصل قدرتها على تمثيل المنتسبين إليها، والمساهمة في تطوير المهن المتعلقة بها.
نعم، تجد النقابة صعوبة تتمثل في تعامل وزارة التربية والتعليم معها. فهذه الأخيرة حتى اللحظة لا تعتبر النقابة شريكة لها، ولذلك تستثنيها من الكثير من القضايا والأمور المهمة ذات الطابع المشترك، والتي تنعكس آثارها على المعلمين والطلبة ومهنة التعليم والتدريس بالمجمل؛ من قبيل تطوير امتحان التوجيهي.
وتستند الوزارة إلى نص قانوني يمنع النقابة من التدخل في السياسات التربوية والمناهج المدرسية، لعدم سماع وجهة نظرها في الأمور والسياسات التعليمية. وبعيدا عن نجاعة المادة القانونية، فهل ترفض وزارة التربية من نقابة تمثل كل معلمي المملكة، وهم العنصر المهم في العملية التربوية، المشاركة في السياسات التعليمية والتربوية؟ الحقيقة التي يعرفها الجميع أن النقابة بفضل تمثيلها للمعلمين المنخرطين في العملية التربوية والتعليمية، وقربها من الوزارة ومن الطلبة، وهم العنصر المهم الآخر في العملية التعلمية،  قادرة على تقديم أفضل الاقتراحات وأنسبها للمناهج التعليمية وللسياسات التربوية، وكل ما يخص العملية التعليمية والتربوية. أما القول إن النقابة ممنوعة من التدخل في السياسات التربوية، فهو قول خاطئ ومرفوض، مع أنه يستند إلى مادة قانونية. 
على الوزارة أن تسعى هي أولا، وقبل النقابة، إلى تعديل هذا النص القانوني المجحف بحق النقابة والعملية التربوية والتعليمية، لأنه بوجود هذا النص ستحرم نفسها من شريك حقيقي يهدف إلى مساعدتها في إدارة العملية التعليمية والتربوية بأفضل الطرق. كما أن على الوزارة أن لا تتحسس من تدخل النقابة في السياسات التعليمية والتربوية، لأن مصلحة النقابة تكمن في نجاح هذه السياسات وليس فشلها. فنجاحها سينعكس إيجابا على المعلمين والطلبة. أما أن تعتبر الوزارة نفسها الآمر الناهي في كل ما يتعلق بالعملية التربوية والتعليمية، وأنها الأقدر على وضع وتنفيذ السياسات التعليمية، فهي تكون بذلك مخطئة، وتضع نفسها في زاوية صعبة؛ إذ ستتحمل أي فشل يحدث على هذا الصعيد. كما أنها لن تكون فعليا قادرة على تحديد الأفضل وحدها تعليميا وتربويا. وبالتالي، فإنها ستدخل في معركة هي بغنى عنها، والعملية التربوية أيضا بغنى عن هذه المعركة، لاسيما أن النقابة ليست خصما ولا ندا لوزارة التربية والتعليم. فالنقابة لا تعتبر نفسها كذلك، بل بالعكس تصر على أنها شريك، وشريك جيد يسعى إلى تحسين العملية التربوية والتعليمية ومخرجاتها.
على الوزارة أن تستمع للنقابة بكل بما يتعلق بالسياسات التعليمية والتربوية، خصوصا تعديل وتطوير المناهج، وامتحان التوجيهي؛ فالمعلمون يستطيعون فعلا المساهمة، ولديهم الخبرات والقدرات والتجربة التي تؤهلهم لتحقيق ذلك.
من حق النقابة الاعتراض على تهميشها من قبل الوزارة، وعليها الضغط على الوزارة لمعاملتها كشريك حقيقي. كما أن على الوزارة التنبه، فهي الآن في خضم مرحلة جديدة، أحد عناوينها نقابة المعلمين، وعليها عدم غض النظر عن هذا الواقع الجديد، فلم تعد الوزارة اللاعب الأوحد في هذا الميدان؛ فهناك النقابة التي وجدت لتبقى وتستمر لخدمة المهنة والمنتسبين إليها، ولخدمة الطلبة والعملية التربوية والتعليمية بالكامل.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  محمد سويدان   جريدة الغد