ما أعلنه رئيس الوزراء بشأن التخفيف عن الأردنيين من الفقراء وذوي الدخل المحدود، من آثار ارتفاع أسعار الكاز في الشتاء، والتخفيف عن الناس في شهر رمضان، يمثل توجها سياسيا واقتصاديا إيجابيا، يقوم على تفهّم آثار الارتفاعات العالمية لأسعار النفط وما تبعه من ارتفاعات في أسعار كل شيء.
نسعى لتشكيل حالة أردنية يتفهم فيها الناس أن الارتفاعات عالمية واضطرارية، وهي مأزق للحكومة والمواطن، يقابلها في الجانب الآخر أن تبذل الحكومة كل ما تستطيع وأن تبحث عن كل البدائل والخيارات والحلول التي تخفف عن الناس، فلا تركن الحكومة الى تمرير الحالة الاقتصادية. هذه هي المعادلة التي هي تضمن أن لا تدفع البلاد والعباد أثمانا سياسية، لكن هذه المعادلة تحتاج عوامل نجاح منها أن لا تتوقف الحكومة عن التفكير في إيجاد الحلول، كما تتطلب من القطاع الخاص الشعور بالمسؤولية الوطنية والاجتماعية والاقتصادية تجاه العاملين فيها، الذين يشكلون نسبة كبيرة، وهي مسؤولية تجاه استقرار الأردن ومجتمعه.
الحالة الاقتصادية التي فرضتها الارتفاعات العالمية، جعلت المواطن بحاجة إلى عون مباشر وإجراء سريع المفعول، أي إن ما يسمى شبكة الأمان الاجتماعي في موازنة العام المقبل يجب أن تكون سريعة التأثير في حياة الفئات المستهدفة، وأن يجد المواطن فيها لمسة مباشرة في حساباته اليومية والشهرية، وأن يكون التأثير طويل الأمد، وليس سريعا فقط.
إذا عدنا إلى ما وعدت به الحكومة من إجراءات خلال الفترات القادمة، فإن صدق التوجه وإيجابيته قد تفسده التفاصيل وتحوله مصدراً للتذمر والشكوى، وقد يعطي نتائج عكسية، لذا يفترض أن تتوقف الحكومة عند كل التفاصيل بعناية، بحيث تنسجم مع الهدف الذي جاءت من أجله.
هذه التوجهات التي نتحدث عنها، منها:
1-تحديد الفئات التي تستحق الدعم في القطاعين العام والخاص، وهو أمر يجب أن يكون متناسبا مع من يحتاج العون، ولا يتعلق فقط بما لدى الحكومة من إمكانات، ويجب أن تكون الإجابة واضحة وواسعة، سواء من الفقراء المستهدفين من صندوق المعونة، أو ممن لم يصلوا إلى الصندوق، أو لم يصلهم. كذلك أبناء الجهازين المدني والعسكري والمتقاعدين، إضافة الى القطاع الخاص والضمان الاجتماعي، ومن الضروري أن يكون لدى القطاع الخاص مبادرة حقيقية بالتنسيق مع الحكومة.
2-دراسة قيمة العون الذي سيقدم للناس، وهذا أمر مهم لأن الصدى والقبول الشعبي سيكون مرتبطا باقتناع الناس أن معونة الشتاء حقيقية ومؤثرة، فالشتاء يستمر بين 3-4 أشهر يتم فيها استعمال الكاز، وقد يكون مناسبا صرف مبلغ شهري إضافي على الرواتب لمن تقل رواتبهم عن 700 دينار مثلاً، وبحيث يتناسب هذا المبلغ عكسياً مع الراتب. ما نتحدث عنه هنا ليس اقتراحات حاسمة، بل للقول إن التعويض يجب أن يكون حقيقيا ومؤثرا في حياة الناس.
3-وخلال أشهر الشتاء سيبدأ العام الجديد، وقد يكون جزءا من العون أن تعلن الحكومة أنها ستقوم بزيادة رواتب العاملين والمتقاعدين ومتقاعدي الضمان، على غرار الزيادة التي كانت مع بداية العام الحالي، فهذا سيترك آثارا مالية ومعنوية على إدارة المواطن لموارده خلال المراحل القادمة.
4-وما على الحكومة إدراكه، أنها يجب أن لا تختزل القاعدة التي تستحق العون، بحيث يتحول الأمر وكأنه مساعدة إضافية لفئة محدودة. المطلوب إذن، هو تحديد مساحة أفقية واسعة، تشمل جميع الفئات التي تستحق الدعم، ومسافة عمودية بحيث تكون قيمة العون مؤثرة، وتعبر عن حقيقة الحرص الحكومي على مساعدة الناس.
التفاصيل مهمة، وهي التي تترجم التوجهات الصادقة إلى أمر واقع، وتحقيق المعادلة التي أشرت إليها سابقاً، وهي: الوصول إلى تفهّم الناس للظروف الاقتصادية العالمية الضاغطة على الأردن، مقابل حرص الحكومة على أن لا تترك بديلا أو حلا يساعد الناس إلا وتتبناه، هذا إضافة إلى الدور الذي لم يكتمل بعد لجزء من القطاع الخاص.
المراجع
الموسوعة الرقمية العربية
التصانيف
صحافة جريدة الغد سميح المعايطة العلوم الاجتماعية