خلال سنوات ومراحل سياسية وإدارية مضت كان هناك حماس واندفاع لتشكيل هيئات وهياكل ادارية موازية لعمل بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية وكانت الحجج اما تسريع العمل ومواكبة التطورات في هذه القطاعات او تحت مبرر تجاوز الروتين او مشكلات الادارة في العمل الحكومي، وأحيانا اصبح استحداث هذه الهيئات موضة او ربما لإيجاد مسارات خاصة او وظائف. فالعديد من هذه الهيئات تعمل بأنظمة مالية وادارية خاصة وتمنح رواتب متميزة والتعيينات فيها ليست خاضعة للتنافس وديوان الخدمة, وكل هذا تحت مبرر التطوير.
وقد تكون بعض هذه الاطر قد ادت خدمة وقدمت اضافات لكن الحكم لا يمكن تعميمه، كما ان عمل هذه الاطر كان على حساب دور الوزارات وكان الاصل ان يتم العمل لتطوير عمل الوزارات ورفع كفاءتها لتكون اكثر قدرة على العمل، وحتى لو كان هناك حاجة لهيئات مرحلية، فليكن لكن ليس لتكون على حساب الدور الحكومي او وريثا لجهة مازالت حية وقائمة.
ما يعلمه الجميع ان ما يجعل الجهات غير الحكومية اكثر ديناميكية ليس نوعية الموظف لأن الكوادر كلها اردنية، لكنها طبيعة القوانين التي تحكمها وتحررها من كثير من الضوابط التي تفرض البطء على اداء الوزارات كما ان الرواتب والامتيازات للمديرين والموظفين واللوائح تجعل العمل وأجواءه مختلفة. فإذا كان هذا هو الحل فليكن الدلال للوزارات وموظفي الحكومة، وليتم تعديل ما يعيق العمل الحكومي وليس سحب الصلاحيات ثم تقديم هذه الهيئات باعتبارها نوعية متميزة لإدانة الاداء الحكومي وموظفيه.
لا بد من انفاق ذات الجهد والمال والدلال على القطاع الحكومي لتطويره ولا بد ايضا من مراجعة حقيقية لهذه الهيئات من حيث الضرورة ومبررات الوجود وبخاصة ان بعضها قد يكون قد فقد مبررات وجوده, ونسمع ان لدى الحكومة توجها لهذا لكن لا بد من السرعة وعدم ترك السلبيات على حالها, فما كان مفيدا فليبقَ ومن كان منها عبئا فلا ضرورة لحملها.
وفي سياق الاحمال الزائدة فإنني ادعو الحكومة الى مراجعة مبررات وجود بعض الوزارات. ولعلها مناسبة ان نشير الى وزارة التنمية السياسية التي لم يعد لها دور حقيقي, فحتى الاحزاب فإن القانون اتبعها لوزارة الداخلية, وهي وزارة يحاول كل وزير ان يخترع لها عملا. واحيانا كثيرة تكون المحاضرات هي الحل والعمل ولهذا فالوزير هو محاضر برتبة وراتب وزير. ونسمع من بعض من تولوا هذا الموقع ما يؤكد الدور الرمزي والشكلي لها، ولا نريد ان تتحول الى ما يشبه وظيفة الصبة وتتحول الى وزارة دائمة وهي بلا عمل ولا يعتبر وجودها او رحيلها مقياسا لحماس الدولة للتنمية السياسية.
وربما من الضروري مراجعة فكرة وزارات الدولة، التي غالبا ما تكون بلا دور او بلا فعالية وحضور، حتى في مجال الاسم الذي تحمله، ومهمات بعض من تولوا هذا الموقع الشكلي يمكن ان يقوم فيها موظف كبير في الرئاسة.
مراجعة الاحمال الزائدة جزء من الاصلاح الاداري، وجزء من تطوير القطاع العام. هذا الشعار الذي نحتاج ان نرى تقييما حقيقيا وموضوعيا منذ اختراع الوزارة وحتى اليوم بما فيها المراحل التي لم يدخل فيها بعض من حملوا هذه الحقيبة مكاتبهم سوى مرات معدودة لأنها كانت حقيبة اضافية وبلا قناعة بدورها حتى البسيط.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   سميح المعايطة