يُنظر لأكثر الجدل المتعلق بالجماعات الإسلامية في العالمين العربي والإسلامي، من زاوية سياسية، دون اعتبار كافي للوزن الفقهي للاختلافات، ودون التطرق إلى الاعتبارات الحاكمة للاختيارات الفقهية.. فكثيراً ما يفرق بين "السلفية" و"الإخوان" على أن هؤلاء يشاركون في العمل السياسي وهؤلاء لا يفعلون، دون النظر إلى الأدلة التي يستند إليها هؤلاء وهؤلاء. خاصة إذا عرف أن "الإخوان" كجماعة لا تتبنى خياراً فقهيا معيناً، ولا تدين لمذهب فقهي واحد، بينما أصحاب المنهج "السلفي" يغلب عليهم الاختيار "الحنبلي" بشكل أساسي.
ولعله من الجدير بكل مهتم ومتابع لتطورات المسيرة الإسلامية التعرف على هذه المشارب الفقهية، والوقوف على مساحة انعكاسها على قدرة التنظيم والحركة في الاشتباك مع قضايا جدلية حديثه مثل دخول "المجالس البرلمانية" والولوج إلى مساحات الفنون والثقافة وغيرها. وفي هذا الإطار، التقينا بالدكتور محمد عبد اللطيف البنا ـ الباحث والمتخصص في دراسة الحركات الإسلامية ـ ضمن ندوة نظمها موقع "الحركات الإسلامية" تحت الإنشاء التابع لشبكة "إسلام أونلاين. نت". والدكتور البنا عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وعضو هيئة علماء المسلمين بألمانيا ومدير النطاق الشرعي في "إسلام أونلاين"، وله العديد من الكتابات والندوات حول الشأن الإسلامي، وهو صاحب كتاب "الاختلافات الفقهية لدى الاتجاهات الإسلامية المعاصرة" الذي كان أطروحته لنيل درجة الماجستير عام 2000.
أهمية التعرف على فقه الخلاف في الإسلام
في بداية حديثه يشير د.البنا إلى أهمية دراسة وفهم أحكام الخلاف المقررة في علم "أصول الفقه" المعروف في الإسلام، والتي تساعد على إيجاد مساحة من المرونة الفكرية والفقهية تسمح للمسلم بالتعامل مع المجتمع وأفراده وحتى أصحاب الأدلة المخالفة منهم، كما تسمح بالأخذ والتعاطي مع الأدلة طالما أن الشريعة الإسلامية تسمح بها. وكان هذا العلم من الأهمية التي جعلت فقهاء الإسلام يؤكدون على ضرورة أن يحيط الطالب علماً بأدبياته حول الخلاف، والحكم الشرعي في التعامل مع المخالف، وهو مجال رحب كتب فيه الكثير من فقهاء الأمة السابقين والمعاصرين.
إذ أن أصول التشريع الإسلامي واحدة هي كتاب الله ـ تعالى ـ والسنة النبوية، شارحة، مبينة مفصلة، وأحيانا منشئة للأحكام. وتعود الخلافات الفقهية إلى أن التشريع الإسلامي احتوى على كثير من الأدلة التي تحتمل أكثر من رأي، وأكثر من معنى، لم يبين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ معناً محدداً فيها، وإلا لالتزم كل الناس هذا المعنى المحدد ولم يجز على الإطلاق الاختلاف حوله. كما بقيت بعض الأدلة فيها من المرونة اللفظية، والمرونة الثبوتية، والمرونة الفكرية التي جعلت الإنسان يعمل فيها نفسه. بالإضافة إلى أن الشخص الذي يتعامل مع الدليل نفسه بفكره ومنهجه وأسلوبه يختلف عن غيره من المتعاملين : "فأنت بمقدار فقهك ودراستك وثقافتك تستطيع أن تستنبط من النص أكثر مني، واستطيع أنا أن آخذ من النص نفسه أكثر منك بكثير"، وهذا هو مقصود قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه".
والشريعة الإسلامية تسعى من جانبها لجمع شتات الناس، فحينما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لصحابته يوم غزوة بني قريظة : "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة". أدرك بعضهم العصر في الطريق فصلاها، وقال لم يرد منا إضاعة الوقت، وقالت طائفة: والله لا نصليها إلا في بني قريظة. ولم يعنف النبي أي من الفريقين، بل لم ينقل عنه تصويب فريق وتخطئة الآخر. وهو ما يؤكد مرونة هذا التشريع وكيف تسمح الشريعة الإسلامية بالخلاف بين أفراد الأمة، وتسع لأكثر من رأي في المسألة الواحدة، الكل فيها لا يخطأ بعضه بعضا، ولا يفسق بعضه بعضا، ولا يتعصب لرأيه دون الرأي الآخر، وهو هدف واضح منصوص عليه بالأدلة من الكتاب والسنة.
فالشريعة التي تبيح الاختلاف هي في الأصل تدعو إلى الوحدة، وتنبذ الفرقة، لأن الأصل في الأمة هو التعاون وعدم التفرق، حيث تضع الشريعة التسامح أصل من أصولها في التعامل بين المسلمين بعضهم بعض.
الحركات والفقه الإسلامي
طبيعة الجذور الفقهية والفكرية التي تبناها أفراد الجماعات الإسلامية أو رموزها هي جذور في الأصل تسمح بها الشريعة الإسلامية، كما يسمح الشرع بالخلاف حولها إلا في بعض المغالاة أو في بعض الشتت. ولعل كل ما كتب في الحركات الإسلامية تناولها من ناحية التأريخ لها أومن ناحية الفكر وأحيانا كتب بعض العلماء من ناحية دورها في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وكأنهم مدارس دعوية توجه وتحرر الناس من مشاكلهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها، إلا أن العلماء لم يفصلوا في القضايا الفقهية للجماعات والاختلافات التي تثار فيما بينهم أو قد يثيرونها على غيرهم، كنتيجة لاختياراتهم الفقهية.
وقضية الاختلافات على الرغم من صعوبة تناولها إلا أنها من الأهمية بمكان، ما يجعلها جديرة لإجلاء هذا الواقع العملي المعايش. يقول البنا : "من اعتبر فرعاً فقهياً أصلاً من الأصول فقد تجاوز في المسألة، ومن اعتبر أصلاً من الأصول فرعاً فقهيا فقد تجاوز في المسألة، وإن وضع الأمور في نصابها فهو يسلك مسلك السلف الصالح، ويأخذ بروح التشريع الإسلامي في هذا الأمر، وفي الدعوة إليه بين الناس". ويضيف : "لذلك كان مدخلي للخلافات بين الجماعات مدخل تأصيلي، حاولت أن أأصل لهذه الجماعات فقهها، ليتسنى الكشف عن حقيقة مواقفها، وعن روح ما تتمتع به من سماحة، وعن الفقه الذي يحركها في هذا الواقع المعاش".
الاتجاهات المعاصرة
ولعل الجماعات الإسلامية الموجودة على الساحة يمكن ردها جميعاً إلى عدد محدود من الجماعات، وفي محاولة مسحية من الدكتور البنا لهذه الجماعات المعاصرة ذهب إلى أن أبرزها:
ا ـ الأزهر
وقد أتى به على رأس القائمة نظراً لدوره التاريخي كمؤسسة إسلامية قديمة، تخرج منها الكثير من العلماء والأئمة، وكرمز إسلامي لدولة كبيرة هي مصر، وقد جاء اختياره بعيداً عن كونه اتجاه رسمي للدولة. وكان الأزهر كمؤسسة إسلامية تجري أموره على انتخاب الشيخ من خلال رابطة تضم كبار علماء المسلمين، إلا أنه جرى تقليص دور الأزهر مع ظهور الدولة الحديثة في عهد محمد علي. ولعل من الثابت تاريخيا ـ في هذا الإطار ـ أنه ومنذ تأميم أوقاف الأزهر، وبعد ضم الأزهر إلى الحكومة، صارت كلمة الأزهر خافتة سياسياً، خافتة في توجيه الأمة، وفي تحريكها.. بعد أن كان الأزهر منارة العلم وقبلة طلابه.
2 ـ دار الإفتاء المصرية
وهي ليست مستقلة كالأزهر الشريف، باعتبارها تمثل اتجاه الدولة الرسمي وتتبع وزارة العدل، وقد اختلفت مع الأزهر في كثير من المسائل، ولعله من المعروف تاريخياً أن السبب الأول في إنشائها الحد من سلطات الأزهر الإسلامية. وقد شهدت دار الإفتاء على فترات تاريخية عدة تقلبات إزاء الفتوى الواحدة مع تقلب الظروف السياسية والحكم في البلاد.
3 ـ الإخوان المسلمون
كفصيل أساسي في الحركة الإسلامية، له نظرة معينة في التغير تشمل جميع مناحي الحياة.
وقد نشأت الحركة في فترة زمنية معينة، في ظروف معينة، ومرت بمراحل وهزات مع الحكومات والأنظمة المتعاقبة في مصر، ورغم ذلك لم يلزم الإخوان أنفسهم بمذهب فقهي معين يلتزمونه ولا يتجاوزونه.
4 ـ الدعوة السلفية
يقول البنا : "والأمة كلها سلفية" لأن كلمة سلفي تعني الذي يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهي تنطبق على السلف والخلف إلا المنافقين منهم، فكل من يطبق تعاليم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهو سلفي سواء سمى نفسه سلفيا أو لم يسم. وكان الغرض من إنشاء الحركة السلفية هو حماية العقيدة الإسلامية ومحاربة الشركيات ومحاربة البدع، ودعوة الناس إلى التمسك بصحيح الكتاب والسنة.
وقد تميزت المدرسة السلفية في مصر بعدة اتجاهات على رأسها "السلفية العلمية" وهي تحظى باحترام وتقدير شديدين، لأنه صار من المعروف عن رموزها أنهم يبحثون المسألة بشكل علمي دقيق، ويقرون بالمسألة الخلافية وغير الخلافية فيها، وإن كان الباحث يرجح رأيه في الآخر وهو حقه. وقد ذكر البنا على رأس شيوخ الدعوة السلفية من علماء الإسكندرية الشيخ محمد إسماعيل المقدم والشيخ ياسر برهامي والشيخ أحمد فريد.
5 ـ الحركات الجهادية
كـ"الجماعة الإسلامية" بزعامة الشيخ عمر عبد الرحمن، وحركة "الجهاد" بزعامة محمد عبد السلام فرج، وعبود الزمر، الجماعة التي نفذت اغتيال الرئيس السابق أنور السادات عام 1981. إذ تعد وسيلة التغيير لدى الجماعتين واحدة ألا وهي "القوة" والجهاد حق من باب تغيير المنكر باليد. وما يفرق الجماعتين اللاتين لا توجد خطوط فاصلة كبيرة بينهما، هو أن الجهاد تحكم بكفر الحاكم ومؤسسات الدولة معاً بينما تفصل الجماعة الإسلامية التي تؤكد أدبياتها على كفر الحاكم الذي لا يحكم بشرع الله دون مؤسسات الدولة.
6 ـ التكفير والهجرة
وهم امتداد لمنهج الخوارج، لأنهم يكفرون أفراد الأمة ممن ليسوا على منهجهم، وكل كتب التراث في نظرهم باطلة إلا القرآن والسنة. ويعيشون في عزلة تامة عن المجتمع، في انتظار المهدي المنتظر. وكانت جماعتهم قد انطلقت من قلب السجون والمعتقلات بعد أن تعرضوا للتعذيب الشديد على أيدي أجهزة الأمن، ما دفعهم إلى القول : لا يمكن أن يكون هؤلاء مسلمون لأنهم يعذبوننا على الإسلام. وكان زعيمهم المهندس شكري مصطفى، الذي اعدم سنة 1977على خلفية حادثة اغتيال الشيخ الذهبي، وكان إعدام مصطفى هزة كبيرة لباقي أفراد المجموعة.
أسباب تؤجج الصراع بين الجماعات
وفي إطار البحث حول خلافات الإسلاميين، يقول الدكتور البنا : وكان ما استرعاني في الواقع العملي هو أن هناك مجموعة من الأشياء والعوامل خارجة تماماً عن أسباب الخلاف الفقهي المعهود، "وجدتها بين أطراف هذه الجماعات هي التي تؤجج موضوع الصراع"، ولولا هذه الأسباب لكانت المسألة أبسط ما تكون، ولسكنت في مسارها الطبيعي، كما يسكن الاختلاف الفقهي، من بين هذه الأسباب:
1ـ قضية التعصب للرأي، وهذه المسألة شديدة الوضوح عند بعض الجماعات التي لا تقبل فكراً مخالفاً، ولا تقبل نقاشاً فيما تأتي به من أفكار، ولا تقبل أن ينافسها أحد على الساحة، خاصة في مجال ما تميزت به، إن كان عملا دعويا، أو كان عقيدة أو عملاً روحياً كما تفعل الصوفية على سبيل المثال. فكل واحدة من الاتجاهات تفهم أن لها السبق في هذه المسألة وتحتكرها على نفسها.
2ـ إتباع الهوى، وهو غير موجود عند كثير من الناس، ولكن عند البحث في الفروع الفقهية ستجد أشياء كثيرة، ستجد أن هناك من حرم اللحية في وقت من الأوقات ثم أباحها في وقت من الأوقات كـ(شكري مصطفى) لا لشيء سوى أنه سيحقق مكسباً، وإن كان هذا المكسب وقتياً.
فقضية إتباع الهوى من أخطر القضايا، حتى أن الله تعالى بين أن "الهوى" إله من الآلهة : "أرأيت من اتخذ إلهه هواه" ، فقصية اتخاذ الهوى إله من دون الله سبحانه وتعالى قضية من من أخطر القضايا، وإن استبدت في اتجاه من الاتجاهات أو في فصيل من الفصائل كانت طامة كبرى.
3ـ قضية "الجهل" الجهل بما تسمح به الشريعة وما لا تسمح به، الجهل بما عند الآخرين من رصيد فقهي أو رصيد فكري أو حتى سياسي واقتصادي، الجهل بالمسائل التي يحتج بها الآخرون في هذه المسألة، وكأن ما وصل إليه هو غاية العلم ومنتهاه، وكان الصحابة والتابعون ـ رضي الله عنهم ـ وحتى الفقهاء المجتهدون أصحاب المذاهب، كانت رؤيتهم ـ وهي الأصل من وجهة نظر الشريعة الإسلامية ـ أن "كل يؤخذ منه ويرد إلا النبي صلى الله عليه وسلم".
بعض قضايا الخلاف
وقضايا الخلاف بين الجماعات الإسلامية عديدة، وهي تتنوع إلى : قضايا تتعلق بالعقيدة الإسلامية، وقضايا في أصول ومصادر التشريع، وقضايا الإمارة، وقضايا السمت الظاهري.. وتحت كل فصل من هذه الفصول مجموعة من المحاور الرئيسة، وقد أشار الباحث إلى عدد من قضايا الخلافات بين الجماعات الإسلامية، منها على سبيل المثال :
"مصادر التشريع" فكل الجماعات باستثناء التكفير والهجرة يثبتون كل مصادر وأصول التشريع الموجودة في الإسلام، أما عناصر جماعة التكفير فهم لا يعتقدون سوى في الكتاب والسنة فقط أما الإجماع والقياس وما يليهما من أدلة اجتهادية، فلا دخل لهم بها.
قضية "التوسل" وهي مثار صراع بين الجماعات السلفية والمتصوفين، وبوجه عام لم يختلف أحد حول جواز التوسل بالله سبحانه وتعالى، أو التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته، إلا أن مدار الخلاف حول التوسل بجاه النبي، والتوسل بالنبي بعد وفاته.
السلفية وتجيز الدعوة السلفية حسب أدلة شرعية معتبرة التوسل بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حياته، لكن بعد وفاته لا يجوز، أما التوسل بجاه النبي فهو شرك بالله في حكم الشرع، حسب الدعوة السلفية.
الصوفية أما الصوفية فقد أفرطوا كثيراً في المسألة، إذ أجازوا التوسل بالموتى والمقبورين من الأولياء كما الأنبياء، لأن الولاية عندهم ترفع الإنسان فوق مرتبة البشر.
الإخوان أما الإخوان فهم يرون أن هناك خلاف في كيفية الدعاء، ولكنه لا يرقى إلى قضايا العقيدة.
قضية "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" والتي يجيز الأزهر فيها تغيير المنكر باليد وباللسان وبالقلب، وقد حدد من يفعل كل واحدة منها ووسائل تنفيذ الفعل. والدعوة السلفية تقريبا تسير في نفس الاتجاه، وقد تناول الدكتور ياسر برهامي في بعض كتاباته ومحاضراته القضية ولم يخرج عن الاتجاه العام الإسلامي في شيء، غير أنه حدد بدقة وأكد على من ينفذ وكيف ينفذ ومتى.
أما موقف الجماعة الإسلامية فقد جاء مختلفا حول هذه المسألة، حيث يرونها من أولوية الأولويات على الأمة، وواجب على جميع آحاد الرعية تغير المنكر بأيديهم وليس فقط بألسنتهم، حيث إنه في حالة تفشي أي منكر في المجتمع يجب إزالته باليد دون إذن الحاكم، والحاكم نفسه تجب إزاحته وإحلال حاكم مسلم يقيم الشرع مكانه، وأهم ما يميز هذه الجماعة في التغير استخدام القوة وعدم الاعتراف بشرعية النظم القائمة. وللجهاد تقريبا نفس الموقف وتنظر إلي كونه واجب مرتبط بالقدرة، والجهاد فرض عين على كل مسلم.
أما بالنسبة لدار الإفتاء كهيئة رسمية والصوفية فليس لهم أي إضافة أو احتكاك بباب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أما جماعة "التكفير والهجرة" الذين يكفرون كل المجتمعات، فهم يعتبرون أن المسلمين يعيشون مرحلة استضعاف، ومن ثم لا يعرون عليهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متوقف عند الجماعة إلى أن يعود الناس إلى إسلامهم من جديد.
قضية "الحكم والبيعة" حيث يرى الأزهر وسيلته الوحيدة إلى الحكم هي الانتخابات، بكونها تمثل بيعة للإمام. أما بعض أصحاب المنهج السلفي فإنهم يوافقون على الترشح وإن كان بعضهم يرفض ذلك لأن الحكم غير ملتزم بالقوانين الإسلامية. والنسبة للإخوان فلهم موقف إيجابي من العملية الانتخابية ودائماً ما يشاركون فيها بقوة، كي يتخذوا من المجلس والبرلمان وسيلة للتغيير.
جماعات التكفير: طالما أنهم معزولين عن المجتمعات "الكافرة"، فموقفهم من الترشح في الانتخابات واضح، فهم لا يؤمنون بالمشاركة السياسية بالمجمل، لأن المجالس النيابية تشرع من دون الله، والمساهمة في ذلك تكون مخالفة لأحكام الإسلام، حتى أنهم يكفرون كل من يشارك في الانتخابات سواء بالترشح أو بالإدلاء بالأصوات.
أما جماعة الجهاد فلا ترى سبيل للوصول للحكم إلا بالجهاد في سبيل الله، وأن جهاد الحكام واجب، ولكن أي وسيلة توصلهم للحكم كالأحزاب والبرلمانات مرفوضة لأن ذلك من وجهة نظرهم تشريع من دون الله، وحق التشريع غير ممنوح لأحد من الخلق، ويتهمون الجماعات التي تنتهج الطريق الحزبي بالكفر، بل ويخرجونهم عن الشريعة ويعتبرونهم متلاعبون بشرع الله، ويعتبرون أن الاستفتاء حول تطبيق الشريعة مخالفة لأنه يعني أن تطبيق الشريعة رهن بإرادة المخلوقين، ويقولون كذلك بتكفير نواب البرلمان.
قضية "إعفاء اللحية" وهي من الأمور المختلف فيها واختلفت حولها مواقف الحركات الإسلامية، يقول د. محمد البنا : إن موقف الأزهر واضح في هذه القضية، حيث اعتبرها من الأمور التي لا يجب الانشغال بها، وأن من أعفاها يرجى له الثواب ومن حلقها لا يستحق بحلقها دخول النار، ولا ينبغي التعصب لرأي فقهي اجتهادي في هذا الجانب.
لكن يذهب أصحاب المنهج السلفي إلى أن إعفاء اللحية واجب ويحرم حلقها مستندين إلى الأدلة الشرعية والأحاديث الصحيحة، ويعتبرونها تغيير لخلق الله وتشبه بالنساء. ومن الملاحظ أن جماعة الإخوان المسلمين لم تهتم كثيراً بموقف معين تجاه اللحية، وقد كان الإمام ألبنا رحمه يرى أن الزى واللحية من مظاهر الحياة وليس من ضرورتها إلا أن معظم مرشدي الإخوان وقادتهم يطلقون لحاهم، وهو ما يعكس عدم تبني الجماعة رأيا فقهيا بعينه.
أما جماعة التكفير فترى أن إعفاء اللحية واجب إلا إذا اقتضت الظروف غير ذلك، وقتها ينبغي حلقها بأمر من أمير الجماعة، ويروا أيضا أن الصلاة خلف الحليق غير جائزة ومنهم من يرى بجوازها. وكان لجماعة الجهاد رؤية مختلفة فهم يروا أن من الواجب العمل للإسلام ببيان موقفه من الواقع، ويروا أن القائمين بهذا البيان ينبغي أن يكونوا ملتحين ومتحلين بالسمت الإسلامي الظاهر من اللحية والحجاب.
المراجع
turess.com
التصانيف
أدب مجتمع