يذكر الناس نوعاً من أنواع الشرطة ضمن جهاز الأمن العام، كان يطلق عليه اسم "شرطة الآداب"، وكان معنياً بالقضايا والممارسات التي تتجاوز على الآداب والأخلاق، لكن هذا القسم تم الغاؤه، ومن المؤكد أن مهماته أسندت إلى قسم آخر.
ليس مهماً اسم شرطة الآداب، بل المهمات والأدوار، لكننا نشعر بالحاجة أحيانا إلى الأسماء لغايات التخصص والتركيز، ومنها شرطة الآداب، وسأتحدث هنا عن إحدى المشكلات التي نسمع حولها شكاوى وملاحظات عديدة في بعض وسائل الإعلام، وهي قضية تواجد مجموعات من الشباب على أبواب مدارس البنات، وغالباً ما تكون تلك المدارس أقل من التوجيهي، ويصاحب هذا أحيانا أن تجد من الشباب من يقود سيارة أمه أو أبيه، ويمارس فيها رعونته، فيذهب ويعود أمام المدرسة مرة بعد أخرى، ولا يخلو الأمر من "اكسسوارات" مثل صوت مسجل السيارة المرتفع والتعليقات الرديئة.
نسمع شكاوى على بعض الإذاعات، منها إذاعة الأمن العام، لكن حتى الآن لم نشهد تعاملاً حازماً وجاداً ومستمراً، فهذه القضايا أهم أحياناً من نثر دوريات الرادار على بعض الشوارع، ويمكن بالتعاون بين مديريات التربية والأمن العام تحديد المدارس التي تشهد مثل هذه الممارسات السيئة، ومن ثم تسيير دوريات نجدة أو مباحث مدنيين على غرار المباحث المرورية، ومعاقبة هذه الفئة من الشباب، وحماية بناتنا وأخواتنا. والأمر ليس ترفاً أمنياً، لكنه ضرورة حتى يأمن الأب على ابنته، والأم على ابنتها، والأخ على أخته، فلا يجوز أن تبقى الفتاة المؤدبة تسير برعب وقلق من مدرستها حتى قرب بيتها، لأن شباباً بلا أخلاق يمشون وراءها ويتحرشون بها، فإدارة المدرسة لا تستطيع معاقبة هؤلاء، لكن الشرطة يجب أن تحفظ للمدارس حرمتها، وتوفر الأمن للطالبات، وتبعث الطمأنينة لدى الأهل، ولو احتاج هذا إلى وضع دورية على باب كل مدرسة فيها ممارسات رديئة.
أتابع هذه القضايا عبر ما يطرح حولها في وسائل الإعلام، حتى أن إذاعة الأمن العام تبث توجيهاً للشباب مفاده أن من يفعل هذا قد تكون له أخت أو قريبة تتعرض لذات المضايقة من شخص مثله في مدرستها، لكن ما تأكد أن المشكلة ما تزال موجودة، وأن الردع والتعامل الحازم ما يزال مفقوداً، وهو الحل، على الأقل لفترة قادمة.
لعنا ونحن نتحدث عن شرطة الآداب، نجد لها حاجة في بعض الأسواق، حيث يتجمع بعض الشباب ليرسلوا تعليقاتهم نحو كل من تمر من المكان، ما يجعل من الأسواق أو بعضها مكاناً غير آمن من المضايقة، ولهذا فإن شرطة الآداب المعلنة أو السرية، تمثل ضرورة لمنع مثل هذه الممارسات مهما كانت محدودة، وللحفاظ على حرمة المكان العام، ليكون ذهاب فتاة إلى السوق أو إلى عملها أو مدرستها، آمناً وخالياً من المضايقات من أي شاب أو مجموعة شبابية، تخلو من الشهامة والخلق.
شرطة الآداب، أو ما يعادلها، ضرورة لقضايا عديدة، بما فيها ممارسات بعض الوافدات اللواتي يتواجدن في مواسم معينة في بعض الشوارع لعرض الرذيلة، وضرورة حتى لبعض المحلات التي تتستر بنشاط ما، مثل المساج، لتكون مدخلاً لأمور لا أخلاقية، وبعض هذه المحلات كانت وزارة الداخلية أعلنت أنها أغلقتها. إنها ضرورة لكل ما يمس الأخلاق في الأماكن العامة والشوارع وأبواب المدارس والمتنزهات، وما نقوله لا يعني أن هذا الدور غائب عن نشاط الشرطة، لكن هناك قضايا تحتاج إلى حزم وتركيز، فنحن نشاهد في المتنزهات مثلاً دوريات شرطة النجدة، وأحياناً خيالة من رجال الشرطة، لكننا نتحدث عن مسار متكامل لإغلاق الأبواب أمام كل عابث ومستهتر وقليل نخوة أو عديم شهامة.
المراجع
alghad.com
التصانيف
صحافة جريدة الغد سميح المعايطة العلوم الاجتماعية