كثيراً ما أقف معجباً ومتذوقاً – والتذوق نتيجة الإعجاب – كلمات في القرآن الكريم ، لها وقع معنوي ولفظي يأسر الألباب ويتملك العقول . إن شئت قلتَ : هي عطر يتعشق الحواس ، أو قلت : روض يأخذ بالأبصار ، أو قلتَ: موسيقا تحرك العواطف ، أو قلت : هي هذه وتلكُما وأولئك . وحق لها أن تشمل كل ما ذكرت ، فهي كلمات المليك العليم العلاّم . سبحانه.
ونقف في هذه السويعة في حضرة كلمات قوية الجرس سريعة الحركة :
اثاقلتم : في قوله تعالى في سورة التوبة الآية الثامنة والثلاثين " يا أيها الذين آمنوا ؛ ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض ، أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ، فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل " وأصلها " تثاقل " على وزن " تفاعل " , أُدْغِمَتْ التاء فِي الثاء لِقربِهَا مِنهَا , وَاحتَاجَتْ إِلَى أَلف الْوَصْل لِتَصِل إِلَى النّطق بالسّاكِنِ .
إن الوزن " تفاعل " في الفعل " تثاقل " يفيد المشاركة والتتابع وتوسّط الحركة ، أما " اثاقل" فيفيد سرعة الهبوط إلى الأرض الدالة َعلى شدّة الخوف من الموت والرغبة في الركون إلى الدنيا، وكأن جاذبية الآرض تشدهم أن يلتصقوا بها ، وكأننا نسمع صوت ارتطام الأَعجاز بالأرض . إنه تعبير تصويري جليّ للنفوس الهالعة الخائفة من القتال ، المتمسكة بحطام الدنيا !! فكانت صورة الفعل هكذا أقوى في تصوير التصاقهم بالحياة الفانية من الفعل " تثاقل "
وَكَانَتْ تَبُوك - وَدَعَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم النَّاس إِلَيهَا لحرب الروم - فِي حَرَارَة الْقَيْظ وَطِيب الثمَار وَبَرْد الظلال ، فَاسْتَوْلَى عَلَى النَّاس الْكَسَل ،فَتقَاعَدُوا وَتَثاقَلوا ، فَوَبَّخَهُم اللَّه بِقَوله هذا ، وَعَابَ عَلَيهِمْ الإيثار لِلدّنْيَا عَلَى الآخِرَة . مع أنه لاتُنال راحة اللآخرة إلا بنصَب الدنيا ، وما عِظَم الآخرة على الدنيا إلا كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " مَا الدُّنيا فِي الآخِرَة إِلآ كَمَا يَجْعَل أَحَدكُمْ أُصْبُعه هَذِهِ فِي الْيَمّ فَلِيَنْظُر بِمَا تَرْجِع ؟ وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ " .
وعَن أَبِي عثْمَان قَالَ : قُلْت يَا أَبَا هُرَيْرَة سَمِعْت مِنْ إِخوَانِي بِالْبَصْرَةِ أنك تَقُول : سَمِعْت نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقول " إِنَّ اللَّه يَجْزي بِالْحَسَنَةِ أَلفَ أَلف ِحَسَنَة " قَالَ أَبُو هُرَيْرَة : بَلْ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقول " إِنَّ اللَّه يَجْزِي بِالْحَسَنَة أَلْفَيْ أَلْف ِحَسَنَة " ثُمَّ تلا هَذِهِ الآية : " فَمَا مَتَاع الْحَيَاة الدنيا فِي الآخرة إلا قَلِيل " فَالدنيا مَا مَضَى مِنهَا وَمَا بَقِيَ مِنْهَا عِند اللَّه قَلِيل . وَقَالَ الثوريّ عَنْ الأعمش فِي الآية " فَمَا مَتَاع الحَيَاة الدنيا فِي الْآخِرَة إِلا قَلِيل " هي كَزَادِ الرَّاكِب .
 وَقَالَ عَبْد العَزِيز بْن أَبِي حَازِم عَنْ أَبِيهِ لَمَّا حَضَرَتْ عبدَ الْعَزِيز بْن مروَان الْوَفَاة قَالَ : ائتوني بِكَفنِي الَّذِي أُكفن فِيهِ أَنْظر إِلَيْهِ ، فَلَمَّا وُضِعَ بَيْن يَدَيهِ نَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ : أَمَا لِي مِنْ كَبِير مَا أُخَلِّف مِنْ الدُّنْيَا إلا هذا ؟ ثم ولّى ظَهْره فَبَكَى وهو يَقول أُفّ لَك مِنْ دَار إِنْ كَانَ كَثِيرك لَقَلِيل ، وَإِنْ كَانَ طويلُك لَقَصِير وَإِنْ كنا منكِ لفي غرور .
ادّاركوا : في قوله تعالى في سورة الأعراف الآية الثامنة والثلاثين " .. كلما دخلت أمة لعنَتْ أختها ، حتى إذا ادّاركوا فيها جميعاً قالت أُخراهم لأولاهم : ربنا هؤلاء أضلّونا ، فآتهم عذاباً ضِعفاً من النار ، قال : لكل ضِعفٌ ، ولكن لا تعلمون " فالأولون هم المتبوعون ، والآخِرون هم التابعون ، ودخل المتبوعون _ السادة والقادة - النارَأوّلاً لأنهم أشد جُرماً وتبعهم جنودهم وأُجراؤهم الذين كانوا يُطيعونهم ويأتمرون بأمرهم بعدهم ، وعذاب السادة أشد لقوله تعالى " وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالهمْ وأثقالاً مَعَ أَثْقَالهمْ " وَقَوْله " وَمِنْ أَوْزَار الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْم " . والأصل " تداركوا " أنْ تبعَ بعضهم بعضاً " أما " ادّاركوا " فقد أعطت مع التتابع السرعة في الوصول وكأن بعضهم يزحم بعضاً ، وهو تصوير بديع لسرعة دخولهم النار وانحشارهم فيها – والعياذ بالله من هذا المصير المخيف – فما إن يستقرون في العذاب حتى تظهر الشحناء والبغضاء ، وتتعالى الاتهامات وتشتد العداوة وترتفع الأصوات ويجأر الضعفاء بالشكوى والكبراء بالرد ، فإذا هم أعداء متخاصمون أشد الخصام ، متساوون في العذاب . ولا ننس أن االفعل يشير - كذلك - إلى دركات جهنم تُؤصد عليهم فيُحبسون فيها .
ادّارك : في قوله تعالى في سورة النمل الآية السادسة والستين " بل ادّارك علمُهم في الآخرة ، بل هم في شك منها ، بل هم منها عَمون" وأصل الفعل " تدارك " ثم حذفت التاء وقلبت التاء دال وأدغمت في أختها . والمعنى أنهم لم يدركوا الحقيقة إلا في الآخرة حين عاينوها ، فلم ينفعهم علمهم هذا إذ الآخرة دار حساب ، وقد كانوا في الدنيا مكذبين . وهذا الإسراع في معرفة الحقيقة لا يدل على رغبة في أن يعلموه إلا أنه أمر اضطروا إليه اضطراراً حين اصطدموا بالواقع المرير الذي وقعوا فيه فجأة ، فرأوا أنفسهم يعاينون ما كذّبوه في الدنيا ، ولا فكاك عنه أبداً .. وقيل: إن ادّارك هنا بمعنى ضلوا وغاب عنهم في الدنيا علم الآخرة فأنكروها . يدل على ذلك مجيء كلمة " عمون " بعدها .. وإنكار الكافرين حقيقة اليوم الآخر رد انفعالي سريع يدل على عدم التفكير والروية في اتخاذ القرار ، إنهم – ابتداء- يرفضون ترك آلهتهم ، فيأتي هذا الوزن للفعل يدل على عدم التفكير المنطقي وعلى الجنوح إلى الأهواء والرغبات .
ادّارأتم : في قوله تعالى في سورة البقرة الآية الثانية والسبعين " وإذ قتلتم نفساً ، فادّرأتم فيها ، والله مخرجٌ ما كنتم تكتمون " فقد قتل من بني إسرائيل صبي ، فاتهَمَ بعضهم بعضاً وتخاصموا . والدريئة ما يختبئ الإنسان وراءها مدافعاً عن نفسه ومهاجماً غيره . والأصل" تدارأتم ، تفاعلتم " لكن حين يتقاذف الناس الاتهامات تقلب التاء دالاً وتدغم بأختها ،وتحتاج همزةَ وصل فتصير " ادّارأتم ، ويحاول من يُشار إليه بالبنان أن ينفي عنه التهمة بالإسراع باتهام غيره دون دليل ومنازعته . فأَصِخِ السمعَ ، وارْنُ ببصرك إليهم وهم يتراشقون التهم دون جزافاً ،همّ كل منهم أن يسلم برأسه وينجو من العقاب . كما أن الدرء : العِوَج ، وهو يوحي بأن الظلم أعوج ، وما يسلكه إلا المبطلون ، ولا بد من ظهور الحق الذي يفضح الظالمين .
ومما يوضح معنى الاختلاف والمنازعة في الفعل " ادّارأ " ما رواه السائب , قَالَ : جَاءَنِي عُثمَان وَزُهَيْر ابْنَا أُمَيَّة , فَاسْتَأْذنا لِي عَلَى رَسول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ رَسول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنَا أَعْلَم بِهِ مِنْكُمَا , أَلَمْ تَكُنْ شَرِيكِي فِي الْجَاهِلِيَّة ؟ " قُلْت : بلى بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي , فَنِعْمَ الشَّرِيك كُنْت لا تُمَارِي ولا تُدَارِي " يَعْنِي بِقَوْلِهِ : لا تُدَارِي – بتسهيل الهمزة - : لا تُخَالِف رَفِيقك وشَرِيكك وَلا تُنَازعهُ وَلا تُشَارِهِ .
كما أن من معاني " المدارأة " المدافعة . فقد قال تعالى :" ويدرأ عنها العذابَ أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لَمِن الكاذبين ، والخامسةً أن غضبَ الله عليها إنْ كان من الصادقين " والمعنى : ويدفع عنها العذابَ ...
اطّيّرنا : في سورة النمل ، الآية السابعة والأربعين " قالوا اطّيّرنا بك وبمن معك ، قال : طائركم عند الله ، بل أنتم قوم تُفتنون " وأصلها " تطيّر " على وزن " تفعل " فقلبت التاء طاء وأُدغمت في أختها ، وزيدت همزة الوصل .. وتفيد " اطّيّر" الشؤم بانفعال وسرعة يدلان على النزق والجهل ، ، إن من يتطير مريض النفس قليل العقل أصلاً ، فكيف إذا اطيّر " إنه يكون أكثر سفهاً وطيشاً . ولا شيْء أَضَرّ بِالرَّأْيِ ولا أَفْسَد لِلتَّدْبِير مِنْ اِعْتِقَاد الطِّيَرَة . وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ خُوَار بَقَرَة أَوْ نَعِيق غُرَاب يَرُدّ قَضَاء , أَوْ يَدْفَع مَقْدُورًا فَقَدْ جَهِلَ . وَقَالَ الشَّاعِر :
 طِيرَة الدَّهْرلا تَرُدّ قَضَاء         فَاعْذُرِ الدَّهْر لا تَشُبْهُ بلَومِ
 أَيّ يَوْم يَخُصّهُ بِسُعُودٍ          وَالْمَنَايَا يَنْزِلْنَ فِي كُلّ يَوْم
 لَيْسَ يَوْم إإلا وَفِيهِ سُعُود         وَنُحُوس تَجْرِي لِقَوْمٍ فقَوْم
وَقَدْ كَانَتْ الْعَرَب أَكْثَر النَّاس طِيَرَة , وَكَانَتْ إِذَا أَرَادَتْ سَفَرًا نَفّرَتْ طَائِرًا , فَإِذَا طَارَ يَمْنَة سَارَتْ وَتَيَمَّنَتْ , وَإِنْ طَارَ شِمَالاً رَجَعَتْ وَتَشَاءَمَتْ , فَنَهَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ : ( أَقِرُّوا الطَّيْر عَلَى وَكْنَاتهَا ) والفرْق بَيْن الْفَأْل وَالطِّيَرَة أَنَّ الْفأْل إِنَّمَا هُوَ مِنْ طَريق حُسْن الظَّنّ بِاَللّهِ , وَالطِّيَرَة إِنَّمَا هِيَ مِنْ طَرِيق الاتكال عَلَى شيء سِوَاهُ , وَقَالَ الآصْمَعِيّ : سَأَلْت ابن عَون عن الْفأْل فقالَ : هُوَ أَن يَكُون مَرِيضًا فَيَسْمَع يَا سَالِم , أَوْ يَكُون بَاغِيًا فَيَسْمَع يَا وَاجد ; وَفِي صَحِيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : سَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقول : ( لا طِيَرَة ، وَخَيْرهَا الْفَأْل ) , قِيلَ : يَا رَسُول اللَّه وَمَا الْفأْل ؟ قَالَ : ( الْكَلِمَة الصَّالِحَة يَسْمَعهَا أَحَدكُمْ ) , و رُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّردَاء رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّمَا الْعِلْم بِالتَّعَلُّمِ وَالْحِلْم بِالتَّحَلُّمِ , وَمَنْ يَتَحَرَّ الْخير يُعْطَهُ , وَمَنْ يَتَوَقَّ الشَّرّ يُوقَهُ , وثلاثة لاينالون الدرجات العلا ; مَنْ تَكَهَّنَ أَوْ اِسْتَقْسَمَ أَوْ رَجَعَ مِنْ سفر مِنْ طِيَرَة .
ازّينَتْ : في قوله تعالى في سورة يونس الآية الرابعة والعشرين " حتى إذا أخذت الأرض زخرفَها وازّينّتْ وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً " والفعل" ازّيّن " من " تزيّن " حيث قلبت التاء زيناً وأدغمت في أختها واحتاج الفعل همزة وصل . وفي معنى ازّينت كثرة الزينة ووفرتها من غلة وزرع وخضرة وأزهار وخير كثيريملأ الأرض فيعجب أهلها ثم يذهب سريعاً كما جاء حين يريد الله تعالى ذلك . واقتران الزينة بالزخرف - وهو اللذي لا يدوم – دليل على تفاهتها ، إذ كل شيء مهما كثر وغلا إذا لم يستمر زخرفٌ فانٍ . وقد جاء في الحديث" " يُؤْتَى بِأَنْعَم أَهْل الدُّنْيَا فَيُغْمَس فِي النَّار غَمْسَة فَيُقَال لَهُ هَلْ رَأَيْت خَيْرًا قَطُّ ؟ هَلْ مَرَّ بِك نَعِيم قَطُّ ؟ فَيَقُول لا وَيُؤْتَى بِأَشَدّ النَّاس عَذَابًا فِي الدُّنْيَا فَيُغْمَس فِي النَّعِيم غَمْسَة ثُمَّ يُقَال لَهُ هَلْ رَأَيْت بُؤْسًا قَطُّ ؟ فَيَقُول لا " إن النعيم الدائم هو الحيوان لو كنا نعلم :
فما من عاقل يرضى زوالاً            بباقية ! فذاك من المحال
ومن يشري خلوداً من فناء          لعمر الله ، ذاك من الخبال
يهِدّي : في سورة يونس الآية الخامسة والثلاثين " .... أفَمَنْ يَهدي إلى الحقِّ أحقّ أن يُتّبع أم من لا يَهِدّي إلا أن يُهدى ، فما لكم؟ كيف تحكمون؟! " أصلها : يهتدي " يفتعل " ثم قلبت التاء دالاً وأدغمت في إختها ، وحركت الهاء بالكسر تبعاً لحركة الداء المكسورة المشددة .
توحي إليّ هذه الكلمة " يَهِدّي" بانفلات كابح العربة في طريق نازل تكاد تهوي بمن تحمله في أعماق الوادي ، أو بالناقة التي تسير على غير هدى بعد أن فقدت صاحبها ، أو بمن يتعاطى التجارة وهو لا يحسنها فتكاد حيتان السوق تبتلعه ... يجمع هذه الصور الثلاث انفلات راعن وسفه مدمر ...... وصور أخرى لعربة متينة يقودها سائق ماهر، أو ناقة تسير في القافلة إلى الهدف المنشود آمنة ، أو تاجر صدوق عالم بأصول التجارة .. أمن وأمان وهدى ورشاد .
لا شك أن الله تعالى الذي خلق الكون فأبدعه ، وخلق الإنسان وشرع له طريق النجاة وسبيل السعادة أحق أن نلزم نهجه فهو الخالق العالم ببواطن الأمور وظواهرها فمن أسلم قياده له سبحانه نجا وأفلح ، ومن اتبع هواه ضاع وتبّر
اشـهـدْ  لذات الله بالتوحيد ..
واعلم بأن الكون من صنع الذي
ولمن  يؤوب الحر إن حاقت به
ألـمـثله يأوي ترى أم يرتجي
فـمن العبيد ترى صنوف مذلة
 
 
 
 
 
واتـرك مـقـالة فاسق زنديق
إن  قال كن فالقول في التحقيق
مـحن الحياة فعاش في تضييق
ربّ  الـبـرية خالصَ التوفيق
ومـن الـعزيز كرامة الصدّيق

المراجع

islamsyria.com

التصانيف

أدب  مجتمع