جملة طريفة، لكنها مهمة، قالها أحد كبار المسؤولين في سياق الحديث عن السرعة على الطرقات، فيما إذا ما تعرض للمخالفة على إحدى الطرق الخارجية. يقول هذا المسؤول ضاحكا: "سياراتنا تمر بسرعة، ونكون مخالفين، ومع ذلك فإننا نقابل بتحية من الشرطي". طبعا الشرطي لا يعرف شكل واسم المسؤول الذي في السيارة الرسمية، لكنه يجدها مهمة و"نُمرتها" تدل على أن فيها شخصا مهما، لهذا فهو يعتبرها سيارة معصومة من الخطأ، وحتى لو أراد تطبيق القانون وأوقف السيارة فقد لا تقف، ولو وقفت، فقد يتحول إلى شخص مذنب لأنه لم يقدّر مقامات الناس رغم انه قدر واحترم القانون!
والسؤال: هل السيارة الضخمة والمهمة، التي يركبها مسؤول، يمكن أن تتعرض لحادث سير او تسبب حادث سير او تدهس مواطنا في الشارع؟ فإذا كانت أيضا معصومة من كل هذا، فإن تركها تسير بالسرعة التي تتناسب مع نوع السيارة وهيبة المسؤول أمر عادي، بل يجب أن تعطى حصانة! لكن إن كانت مثل سيارات بقية الأردنيين يمكن أن تتسبب بحادث، فلا يجوز أن تعطى هذه الحصانة. وما يجب أن يتم هو إغلاق بيت أبي سفيان المروري الذي من دخله من سيارات الكبار كان آمنا، لأنه لو كان آمنا من الحوادث لقبلنا أن يأمن من المخالفة.
فما دامت سيارات المسؤولين ليست محصّنة من الحوادث فيجب أن لا تعطى الحق في أن تسير كما تشاء، وليس من العدل أن يوقفك الشرطي لأنك مخالف للرادار بزيادة عشرة كم عن السرعة المقررة، بينما يمر صاروخ يحمل مسؤولا او ربما شخصا عاديا في سيارة المسؤول، وكأن الرادار مثلنا نحن البشر يغمض عينيه عن المخالفة الكبيرة.
القضية ليست مع شرطي السير او الدوريات الخارجية، بل مع أصحاب القرار، فإما أن يكون الالتزام واحترام القانون واجبا علينا جميعا وأن يرى (الرادار) وشرطي السير كل السيارات المخالفة، وإما أن نترك الامور بلا رقابة. لأن كل السيارات تسبب الحوادث، بل سيارة لمواطن موديل 1990 على طريق اربد او الصحراوي او المفرق لا تسبب مشكلة للمرور لو سارت بسرعة 85 كم وبزيادة خمسة كيلو مترات، مثلما تسبب سيارة كبيرة لمسؤول من أي سلطة من السلطات تسير بزيادة 50 كيلومترا.
فلماذا نأخذ من جيب المواطن الغلبان من ثمن خبز أطفاله بينما نوجه التحية للمسؤول المخالف، وكأنه في مهمة وطنية رغم أن مشواره الذي يستهلك فيه سيارة الحكومة وبنزينها وسائقها ليس أكثر من "عزومة" على منسف؟ 
هنالك حصانة غير مشروعة نعطيها مخالفين للقانون والدستور لأفعال معينة، لأن أصحابها لا يجرؤ أحد على معاقبتهم، لكن المواطن لو وجد أمامه سيارة عين او نائب او وزير او اي مسؤول تدفع مخالفة رادار او أي نوع من المخالفة يشعر بثقة اكبر بقدرة القانون، وليخرج المسؤول من جيبه قيمة المخالفة، وليدفعها لأنه خالف القانون.
ذلك يرفع من قدرة رجل الأمن على التخفيف من المخالفات والتجاوزات، لكن لو تجرأ رجل سير على مخالفة أحد الكبار فإن أول ما يفعله المسؤول هو الاتصال بمدير الأمن ليقوم بمحاسبة الشرطي لأنه تجرأ وطبق القانون.
شرط واحد يبرر الحصانة لسيارات الكبار، التي تخالف القانون أن يكون لدى أصحابها حصانة من الموت او التسبب به او التعرض لأي حادث سير مثلما نتعرض نحن من تقع علينا الولاية العامة التي يملكها الكبار.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   سميح المعايطة