امس دشن الملك حملة للتبرعات عبر التبرع بالدم، ليكون هذا اطلاقا لحملة تبرعات وطنية شاملة تكمل مسار الانسجام والتطابق في الموقفين الرسمي والشعبي من العدوان الصهيوني الغاشم على اهل غزة, ولندخل في مرحلة اكثر أثرا من التضامن الذي يصل الى اهلنا المنكوبين هناك.
ورغم اهمية ان يعبر الناس عن رفضهم وادانتهم للعدوان الصهيوني, ورغم ضرورة ان يرتفع الصوت في المسيرات والاعتصامات وكل اشكال التعبير الا ان هناك اشكالا اخرى من الفعل والمساندة يمكن ان نقدمها افرادا او قوى سياسية واجتماعية، ومنها جمع التبرعات التي تترجم الى مساعدات غذائية وطبية وانسانية تقدم لاهلنا في غزة, ولعلنا في الاردن نمتلك وسيلة لايصال هذه المساعدات بشكل سريع ومباشر عبر الهيئة الخيرية الهاشمية التي سيرت العديد من قوافل المساعدات الى غزة ووصلت وسيرت امس الاثنين قافلة مساعدات الى غزة وهذا يوفر للاشقاء في محنتهم بعض العون حتى لو كان من اضعف الايمان لكنه عون يحقق لمسة مباشرة تتجاوز الاكتفاء بالتعبير ورفع الصوت والتنديد بالعدوان على اهمية هذا. وحتى من لا يريد ان يرسل مساعدات عبر الهيئة الخيرية الهاشمية فهذا حقه لكن من الضروري الانتقال من الفعل الاعلامي الى ما ينفع الناس هناك, ولنضف الى شتم العدو والتنديد شيئا من القطران عبر حملات منظمة وقانونية وشاملة لجمع التبرعات والمساعدات لاهل غزة وجرحاها وكل من تضرروا من الحرب والحصار والعدوان, ولنضف الى يافطات المظاهرات صناديق جمع التبرعات فهذا يجعل ردود افعالنا اكثر تاثيرا.
   النظامان العربي والفلسطيني!!
هنالك قناعات سلبية لدى الشارع العربي بأن النظام الرسمي العربي غير قادر على انجاز حالة تضامنية عربية حقيقية, ولهذا لا يتوقف الناس طويلا عند الدعوات لاجتماعات عربية سواء كانت على مستوى الوزراء او القمة لان مستوى التوقعات من هذه اللقاءات منخفض والخشية من ان تتحول هذه اللقاءات الى مصدر ضعف اضافي في مراحل لا تحتمل الكثير من الخلافات والضعف, ولهذا نجد في هذه المرحلة الصعبة خلافات واستقطابات ومحاولات من بعض الدول لتحويل الاحداث الى ورقة من اوراقها او للتحريض على خصومها.
لو قام النظام الرسمي الفلسطيني المتمثل بسلطتي غزة ورام الله بمبادرة وطنية كبيرة وقدمت السلطتان سلوكا وطنيا متميزا وبادرتا الى انهاء حالة الانقسام وفق اتفاق مكة مثلا او وفق المبادرة اليمنية واعلنتا ان السلطة عادت عن حالة التردي التي اصبحت سلاحا اسرائيليا فاعلا, لو حدث هذا لارتفعت القيمة السياسية والوطنية لكلا الطرفين في مرحلة لم يمر ما هو اصعب منها على الشعب الفلسطيني, فما هو المبرر الذي هو اكبر من ارواح مئات الشهداء واجساد مئات الجرحى والتدمير الذي اصاب غزة واهلها, وما الذي يمكن ان يحرك اهل السياسة في فلسطين اكبر من هذا العدوان والاجرام الصهيوني؟
كل طرف يدّعي انه يعمل لمصلحة الشعب الفلسطيني؛ واي مصلحة اهم للفلسطينيين من الوحدة وانهاء التشرذم في مرحلة العدوان وتساقط الشهداء والجرحى؟ , واذا كان هناك مطالبة للنظام الرسمي العربي بوقفة تضامن وانهاء الخلافات العربية ـ وهي مطلب حق ـ فان بامكان النظام الرسمي الفلسطيني ان يقدم الأنموذج وان يرتفع فوق الخلافات مهما كانت, لكن اذا مرت هذه الازمة الكبرى من دون ان تستطيع تحريك الطرفين نحو انهاء التشرذم والحملات الاعلامية والسياسية, ومن دون ان يتعامل الطرفان بمستوى الحدث فان هذا مؤشر خطير, ولا يمكن ان يطالب النظام الرسمي الفلسطيني العرب بموقف موحد بينما طرفا المعادلة الفلسطينية يمارسان القطيعة وتصيد الاخطاء مثلما تابع الناس الخلاف وتبادل الاتهامات بعد القصف الصهيوني لمبنى السرايا الذي يضم السجن وكيف اتهمت فتح حماس بانها ابقت معتقليها تحت خطر الموت ... الى اخر القصة.
المطلوب ليس ان يعلن البعض استعداده للحوار لكن المطلوب خطوات عملية كبرى وذات دلالة. وهناك الكثير من الاطراف العربية مستعدة لممارسة دور الوسيط وبسرعة, المطلوب خطوات اسرع من طائرات العدوان, خطوات تعيد بعض الامان السياسي للشعب الفلسطيني, خطوات تجعل النظام الرسمي الفلسطيني متقدما على النظام الرسمي العربي وهذ المرحلة اختبار حقيقي لقدرة طرفي الازمة على القفز عن كل التناقضات اكراما لشهداء الشعب الفلسطيني ومعاناته. 

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   سميح المعايطة