اعتبرت افتتاحية "الإيكونومست" لهذا الأسبوع أن الغرب يجب أن يرحب، لا أن يخاف من المظاهرات المطالبة بالتغيير السياسي في مصر، لأن هذا مقدمة للاستقرار في الشرق الأوسط. وتمضي المجلة ذات الانتشار الواسع بين أوساط النخب الغربية، في الإشارة إلى أن هناك فهماً غربياً قام على أساس تقديم "الاستقرار" على "الديمقراطية"، ومن هنا جاء دعم الغرب للرئيس المصري حسني مبارك الذي يطالب آلاف المتظاهرين في مصر بتنحيه. وتخلص الافتتاحية إلى أن على الغرب إدراك أن الديمقراطية هي الحل الأمثل للاستقرار في الشرق الأوسط، لأن المتظاهرين في مصر إن قمعوا، فإنهم سيعودون للتظاهر، ولو بعد حين. وتقول الافتتاحية إن ترك 85 مليون مصري تحت حكم استبدادي، ينكل بالمعارضين، ويعذب السجناء السياسيين، وذي جهاز أمني قاس وحازم، ليس أمراً غير أخلاقي فحسب، بل إن هذا الوضع وقود لتوترات قادمة في مصر وفي الشرق الأوسط، مما يتعارض ومنطق الاستقرار على حساب الديمقراطية.

 

وتقول "الايكونومست" إنه إذا ما حل نظام ديمقراطي في مصر، فيجب أن يسمح للإخوان المسلمين بالتنافس على السلطة، حيث إن النظام الديمقراطي قد يفيد في التوصل لتسوية سلمية للقضية الفلسطينية بشكل أكثر حسماً من "السلام البارد" القائم حالياً.

 

فكرة "الايكونومست" قامت على أساس أن "الثورة في مصر" ستكون مقدمة للإصلاح السياسي في العالم العربي، وهو أمر يتوجب فهمه في الغرب، كما تشير المجلة. وقد كان الصديق أندرو ماكغريغور كتب مقالاً حول السيناريوهات المتوقعة في الشرق الأوسط في ضوء "ثورة اللوتس"، طرح فيها سبعة سيناريوهات محتملة في مصر، مشيراً وبشكل جلي إلى أن الموقف الأميركي الداعي للديمقراطية لا تأثير يذكر له على المتظاهرين، حيث إن "معدات مكافحة الشغب والهراوات والغاز المسيل للدموع، لدى القوات الأمنية المصرية، كلها زودتها بها الولايات المتحدة، وكذلك طائرات إف 16 المقاتلة التي أجرت طلعات منخفضة فوق سماء القاهرة، هي من صنع الولايات المتحدة". ويضيف ماكغريغور: "المصريون يدركون جيدا أن واشنطن هي الراعي الأكبر لنظام مبارك"، ولكنه يذكر بأهمية نفوذ الولايات المتحدة في سلك الضباط المصري، وأهميتها في تقديم المساعدات الغذائية المهمة، والمعونة الأميركية، وبالتالي تخاطر أي حكومة مستقبلية بفقدان هذه المعونة إن سعت للقطيعة مع الولايات المتحدة، خاصة وأن الدولة فيها أزمة غذائية، كانت أحد أسباب المظاهرات الحالية. 

 

السيناريوهات التي يطرحها ماكغريغور هي حكم عسكري، أو حكم عسكري مؤقت تتبعه انتخابات ديمقراطية، أو أن يحتفظ مبارك بالسلطة، أو أن يصل الإسلاميون للسلطة ليدفعوا نحو انقلاب عسكري ضدهم على غرار النموذج الجزائري (العام 1991 بعد فوز جبهة الانقاذ في الانتخابات)، أو أن يقدموا نموذجاً متصالحاً مع الغرب على غرار نموذج العدالة والتنمية في تركيا. ويستبعد الكاتب حكومة إسلامية تقطع العلاقات مع الغرب، وتجعل مصر ملاذاً آمناً للحركات الإسلامية المسلحة. أما السيناريو الأخير فهو أن تتولى حكومة علمانية السلطة. وفيما يشرح ماكغريغور إمكانات كل سيناريو، إلا أنه من الواضح أن دور المؤسسة العسكرية-الأمنية في مصر ما يزال عاملاً أساسياً في تحديد المستقبل السياسي.

 

الملاحظة الأهم التي يتفق عليه تحليل "الايكونومست" وسيناريوهات ماكغريغور هي أن التغيير في مصر إن حدث فإنه سينعكس على الشرق الأوسط كله، وستلجأ بالتالي الحكومات العربية إلى إجراءات لوقاية نفسها من غضبات شعبية. والإجراءات السياسية التي تلجأ لها الأنظمة العربية إن كانت في إطار التهدئة، فإن عوامل الانفجار تبقى كامنة، من دون أن يضمن أحد أشكاله، وبالتالي فإن السيناريو الآخر هو أن الحركات الاجتماعية الديمقراطية العربية الراهنة إن أجهضت فإن البديل هو العنف لا محالة.

 

بقلم: مراد بطل الشيشاني.


المراجع

jfranews.com.jo

التصانيف

صحافة  مراد بطل الشيشاني   جريدة الغد   الآداب