بإعلان رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات عن بدء تسجيل الناخبين للانتخابات النيابية، وتأكيد رئيس الوزراء على أن الانتخابات هذا العام، فإن العد العكسي للانتخابات يكون قد بدأ. 
من الواضح أن الهيئة المستقلة للانتخابات تقوم بجهود جبارة تستحق الثناء والتقدير، ليس فقط على جهودها الحثيثة في الأشهر الماضية، وإنما على إصرارها على اعتماد المواصفات الدولية المتبعة في إجراء الانتخابات، من أجل ضمان نزاهة الانتخابات النيابية وحيادية الهيئة في هذه العملية. ومن الإجراءات المهمة التي تضع الانتخابات على هذا المسار، حصر جمهور الناخبين، والذي أدى غيابه في الانتخابات السابقة إلى انتشار ظاهرة نقل الأصوات وشرائها، ما أدى إلى إفراغ العملية الانتخابية -في كثير من الأحيان- من مضمونها التمثيلي نتيجة لعدم حصر جمهور الناخبين.
ولكن السؤال المطروح الآن أمام الأحزاب والتيارات السياسية هو حول استراتيجياتها نحو الانتخابات. وهناك بعدان رئيسان في هذا المجال:
البعد الأول، مرتبط بعملية التسجيل للانتخابات التي يقع العبء الأكبر فيها على الأحزاب السياسية والمرشحين المستقلين المحتملين. في البلدان الديمقراطية، فإن عبء حث المواطنين على المشاركة في الانتخابات، وبخاصة في مرحلة التسجيل، يقع على الأحزاب السياسية، لأن من المفروض أنها تريد من جمهورها الانتخابي وأنصارها أن يكونوا قادرين على المشاركة في الانتخابات لدعم تلك الأحزاب. وهناك ثلاث فئات من الأحزاب والقوى السياسية فيما يتعلق بالموقف من الانتخابات. الفئة الأولى، هي الأحزاب والقوى التي قاطعت الانتخابات، وموقفها معلن وصريح، وهو عدم المشاركة في الانتخابات، وبالتالي فهي ليست معنية بنجاحها، بل لها مصلحة في إفشالها. وهذا يطرح عليها أسئلة من نوع آخر ستتم مناقشتها في مقال آخر. أما الفئة الثانية، فهي الأحزاب التي أعلنت معارضتها لقانون الانتخاب، ولكنها لم تعلن مقاطعتها للانتخابات. وبذلك، فهي تقف في منطقة رمادية، وهذا موقف بحد ذاته، ولكنها لم توضح الظروف التي يمكن أن تؤدي إلى المشاركة أو المقاطعة، الأمر الذي ينسحب على موقفها من حث أنصارها على التسجيل للانتخابات، لأنها إذا لم تسجل أنصارها وقررت المشاركة لاحقا،ً فتكون قد خسرت جزءاً من دعمها الانتخابي، ولكنها في المقابل لن تخسر شيئاً إن هي حثت أنصارها وقررت المقاطعة. أما الفئة الثالثة، فهي الأحزاب الوسطية التي توجد لديها ملاحظات حول قانون الانتخاب، ولكنها على الأغلب سوف تشارك في الانتخابات، وبالتالي، من الطبيعي أن تقوم بحث أنصارها وداعميها على التسجيل للانتخابات. هذه الأحزاب ما تزال خجولة في موقفها من عملية التحضير للمشاركة في الانتخابات. أما البعد الثاني، فيرتبط بموقف الأحزاب من القائمة الوطنية، وما إذا  كانت ستشهد تحالفات حزبية لتشكيل قوائم وطنية للتنافس على هذه المقاعد التي قد تشكل حالة مهمة في الحالة الحزبية، أم سنشهد عدداً كبيراً من القوائم الانتخابية التي قد تؤدي إلى حالة من التشتت، وبالتالي تضيع الفرصة للتحول في الحياة السياسية، وبخاصة الحزبية. من الصعب توقع شكل التحالفات الآن إن وجدت، لأنها التجربة الأولى التي تخبرها الأحزاب السياسية في الانتخابات النيابية.
إن هذه الأسئلة المطروحة على الأحزاب السياسية بحاجة إلى إجابات في المرحلة المقبلة. ولعل التردد في إطلاق العجلة الانتخابية يرتبط بحالة عدم اليقين التي ما تزال تعيشها الحالة السياسية، ولاسيما فيما يتعلق بإجراء الانتخابات هذا العام، بالرغم من تأكيد رئيس الوزراء لذلك. لقد بات من الضروري حسم هذه المسألة، لأنها مرتبطة بكل الإجراءات التي تسبق العملية الانتخابية.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  تصنيفدد. موسى شتيوي.   جريدة الغد