اضافة للتشويهات البصرية ، وافساد ذائقة العين ، فان الآرمات الموضوعة بعناية فوق محالنا التجارية في الشوارع والأزقة والمولات ، فان هذه الآرمات أخذت تنحت لغة ثالثة اضافة للغتين العربية والانجليزية.

واللغة الثالثة هذه هي لغة احتيالية بامتياز ، بمعنى ان بعض مطاعمنا تأخذ اسمها من وجبة دولية مشهورة لتكتب على الآرمة اسم المطعم باسم الوجبة ذاتها ، وهذا يحدث بنوع من الاحتلال اللغوي.

والامر ذاته ينطبق على المحال الخاصة بالالبسة وموضاتها حيث يأخذ المحل اسم ماركة تجارية دولية وعالمية لتصبح مكتوبة بلغتين. هذا عداك عن اللغة العامية التي أخذت تنتشر في آرمات ويافطات محلات مشهورة في العاصمة عمان وغيرها. وهي اسماء لها علاقة بالغنج النسوي ، وبالطبع فان الامر لا يختلف كثيراً في آرمات المحال التجارية الخاصة ببيع ملابس الاطفال ولعبهم ، حيث نلحظ استلال مفردة طفولية يتم بعد ذلك تثبيتها على آرمة هذه المحلات.

ومؤخراً لا حظت ان اللغة الثالثة المقترحة على معظم الآرمات ، قد بدأت تكتب بالخط الذي يدعى بالخط "المودرن". هذا الخط الهجين على خطوط اللغة العربية.

وعن هذا الخط المغناج حدث ولا حرج ، فالحروف تبدو متزحلقة او مبعثرة أو معوجة ، ، ومن يعرف انواع الخطوط في لغتنا العربية يستهجن هذه الهجمة الاحتيالية على لغتنا الجميلة وخطوطها التي صارت مؤخراً مدرسة في الفن التشكيلي العربي والعالمي الحديثين.

لكن ما لفت انتباهي ان هذه اللغة الثالثة قد بالغت في الغي بحيث بدت حروف بعض الآرمات وكأنه مكتوبة باللغة العبرية ، فأنت حينما تقرأ هذه الخطوط تبدو اللغة العبرية وكأنها تدلف الى روحك بشكل سري.

ونحن علينا ان لا نستبعد استراتيجية الاختراق الصهويني لوجداننا العربي حتى في الخطوط التي تزين آرمات محلاتنا التجارية.

ولهذا علينا ان ننتبه ونحن نجوب الاسواق والمولات ونقرأ تلك الآرمات الى ان هناك لغة ثالثة بالاضافة للعربية والانجليزية بدأت تحط في تلك الآرمات ، وتتسلل الى ارواحنا والى ذائقتنا البصرية العربية. الى الدرجة التي يتحول فيها الحرف العربي الى حرف كأنه كتب باللغة العبرية.

ان مثل هذه الخسائر التي تتعلق بالذائقة البصرية تبدو عادية ولا تستحق مثل هذا الطرح الجاد ، لكن وبقليل من التأمل سوف نكتشف خسارتنا التي تتعلق بخطنا المكتوب وبلغتنا.

ان اللغة الثالثة هي لغة احتلالية بامتياز.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خليل قنديل   جريدة الدستور