إحدى النصائح الكبرى والمهمة التي تقدمها إدارة مكافحة المخدرات في نشاطها الإعلامي أن يكون الوالدان من أصحاب العيون المفتوحة والعقول الواعية في إدراك أي تغيرات على سلوك الابناء الشباب، لأن هذه التوعية للوالدين صمام أمان لإدراك أي حالة تعاطٍ تصل الى أي شاب. فالشكل العام والسلوك والتغيرات على صحته وشكله أو نزوعه للعزلة، من الأمور التي تستدعي أن ينتبه لها الآباء والأمهات.
ما نقوله لا يعني أن نزرع حالة الشك في البيوت ولا تقصد إدارة المكافحة أن تحول الأباء والأمهات إلى حرس وجواسيس على أبنائهم، لكن كل أب وأم يعرفان الأبناء ويعلمان من لديه صحبة سوء، أو يتوقعان من محيطه وعلاقاته ومسلكه أن يقع يوما ضحية لتجار ومروجي سموم المخدرات.
ولعل ما دفعني إلى الكتابة في هذا الموضوع ما سمعته عن أسرة شعرت أن لدى أحد ابنائها سلوكا قد يكون من ظواهر التعاطي، مما دفعها إلى البحث عن وسيلة للتأكد إن كان ما لاحظته يشير إلى مشكلة أم هو أمر عادي، وهذا السلوك العائلي يعبر عن حرص واع على الابناء، ودائما تكون النصيحة للأباء والأمهات أن يكون اللجوء إلى إدارة مكافحة المخدرات، وعلى الرغم من أنها إدارة أمنية إلا أنها قادرة على تقديم العون والمعرفة والإرشاد للوالدين، وقادرة على مساعدتهم بكل هدوء وسرية على التأكد، لأن الشك لا يعني أن الابن متهم، فقد يكون السلوك عاديا، لكن غياب الرقابة قد يعني أحيانا مشكلة كبيرة، إذا اكتشفت الأسرة يوماً أن لدى أحد ابنائها مشكلة تعاطٍ، حتى لو كانت محدودة، لأن آثارها كبيرة وجهود حلها أكبر بكثير من جهود الوقاية.
ومهما كانت مشكلة التعاطي في إطار مجتمعنا محدودة أو واسعة فإن هذا لا يقلل من المشكلة لأن قياس المشكلة بوجودها وليس بحجمها. فالأب أو الأم يشعران أن كل الدنيا مصابة إذا دخل هذا الوباء لا قدر الله تعالى إلى البيت، حتى وإن كان دخولا على شكل بضع حبات من الحبوب التي لا يصنفها القانون حتى الآن على أنها مخدرات.
ربما نحتاج جميعا في كل عائلاتنا وأسرنا الأردنية في كل المحافظات والألوية أن نمارس نوعا من الوعي بكل مظاهر وجود هذه المشكلة لدى أي شاب. وهذا ليس زرعا للشك أو تضخيما لحجم المشكلة، لكنه إجراء وقائي، فالأب أو الأم الواعيان حصن في الدفاع عن الأبناء، والثقافة التي تصنع وعيا ضرورة كبرى للمجتمع، لأن الشباب في مرحلة ما يقضون معظم أوقاتهم خارج البيت وأحيانا يعودون والأهل نيام.
ربما تجد أسراً تكون أوقات التواصل بين أفرادها محدودة بسبب انشغال الأهل وخروج الابن كثيرا مع الأصدقاء، وهذه الأوضاع الأسرية الرديئة مدخل لكثير من المشكلات قد تكون المخدرات واحدة منها.
أمرٌ مفرح ويعبر عن حالة وعي أن يسعى الأب والأم إلى السؤال للتأكد من سلامة سلوك الأبناء حفاظا عليهم، وكما أشرت فإن العنوان العلمي والأمني والحضاري هو إدارة مكافحة المخدرات، التي تحرص أولاً على سمعة الأفراد والعائلات ومعنية أولا وثانيا وثالثا، بحل المشكلة والوقاية منها أكثر من الإجراء، لكن قد يكون الأمر بحاجة منا جميعا آباء وأمهات وعائلات، وأيضا إدارة المخدرات إلى خطوات تعمق المعرفة وتزيد الثقافة الأسرية.
المراجع
الموسوعة الرقمية العربية
التصانيف
صحافة جريدة الغد سميح المعايطة العلوم الاجتماعية