لسنا كمواطنين خبراء في أسعار الحفلات الغنائية وعقود المطربين، لكننا نعلم ما معنى المائة او الألف دينار، ونعلم أنّ الحكومة مثلا زادت رواتب العاملين والمتقاعدين في أجهزة الدولة هذا العام بضعة دنانير.
لهذا عندما يقرأ المواطن أن الحكومة، التي تنظم مهرجان الأردن تعاقدت مع الفنان السعودي محمد عبدو، ليشارك في المهرجان مقابل 175 الف دينار يشعر أنّ المبلغ كبير. قد يكون المطرب يتقاضى أكثر أو أقل في حفلات أخرى، لكن هذا المال سيكون لمن يستطيع أن يشتري التذكرة من الناس، فضلا عن البطاقات المجانية التي ستوزع على من يستحقون!
وقرأ المواطنون، كذلك، أنّ الحكومة تعاقدت مع الفنان كاظم الساهر مقابل 75 الف دينار، قد تكون لحفلة واحدة. طبعاً كل فنان يحتاج أيضاً إلى تكاليف أخرى، مثل الإقامة وغيرها. وهنالك تكاليف أخرى لفرق مختلفة، قد تكون بلا جمهور، وكما هي الحال في مهرجانات أخرى سابقة فإن هذه المهرجانات تخسر مالياً، والثقافة فيها ليست ذات أولوية، لأن المشاهد والمتابع يعزف عن حضور الفعاليات الثقافية، لهذا فجوهر المهرجانات السابقة والحالية هو الطرب والغناء.
لسنا ضد الثقافة، لكننا ضد أن تتحمل خزينة الدولة تكاليف مشاريع خاسرة، ولسنا معنيين بأن يكون جزء من مهمات الحكومة استقدام مطريين، وهذه ليست التجربة الأولى، بل هنالك تجارب سابقة. فإذا كان الأمر استقدام مطربين، فهذا فعل تقوم به الجهات الخاصة والفنادق، لكنها ليست من مهمات الحكومة، ولسنا، نحن المواطنين، معنيين أن تدفع الدولة قرشا واحدا في غير مكانه.
المفارقة أنّ الدولة في الوقت الذي تعتمد فيه نهج الخصخصة، فباعت الاسمنت والفوسفات والبوتاس والاتصالات وتؤجر اراضي الدولة لمستثمرين وتمنح اعفاءات جمركية خيالية لبعض المشاريع الخاصة، إلاّ أنّها تمارس، في الوقت نفسه، تأميم المهرجانات وتنفق على بعض الضيوف من المطربين وغيرهم، بل وتدعم مهرجانات خاسرة بحجة دعم السياحة.
وحتى لا تظن الحكومة أن المواطنين لا يعلمون أن هناك شركات يتم التعاقد معها لإدارة المهرجان، فاننا نعلم ايضا ان الحكومة تنفق على المهرجانات، وبخاصة في ايامها الاولى كذلك.
من حق أي مواطن ان يرفض أن تنفق حكومته من مال الخزينة على حفلات طرب. ومع الاحترام لكل المطربين وأشخاصهم فإن الأمر عندما يتعلق بإنفاقٍ من مال عام فمن حقي، أنا المواطن، أن لا أشعر بالرضى عن انفاقٍ لمال الدولة في غير محله.

المراجع

alghad.com

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   سميح المعايطة   العلوم الاجتماعية