مفرح أن تحظى قرية منسية مثل الطيبة الجنوبية بسلسلة من زيارات المسؤولين من الحكومة حتى كانت زيارة الرئيس اليها يوم السبت الماضي، وقبلها كان وزير المياه وغيره من أهل القرار.
لكن مع احترامنا لهذه الخطوات الا أنها جاءت متأخرة بعد أن رفع الناس الصوت وركبوا الباصات ووصلوا الى مكتب الرئيس، وأيضا لأنّ الملك أبدى اهتماما وتوجيهات جعلت الحكومة تتعامل مع الطيبة وكأنها قرية مدللة، وكل هذا تستحقه الطيبة وأهلها الذين يستحقون خدمات واهتماما.
لكن نلفت اهتمام الحكومة أنّ الطيبة الجنوبية ليست هي أول الأمر وآخره، فهناك الكثير من مناطقنا في الشمال والجنوب والوسط والبوادي تستحق من الحكومة أن تذهب إلى أهلها وأن تعالج مشاكلها، وأن تفتح آذانها لكل مواطن فيها وتستمع إلى كل القضايا، وألا تعتقد الحكومة أنها بتكثيف الزيارات الى الطيبة قد أنهت المهمة، فثمة قرى وبلدات وبوادٍ لم يدخلها مسؤول حكومي منذ سنوات، ومن حقها أن تحظى باهتمام وألا يمارس بحقها الإهمال، إلا إذا كانت الحكومة تريد من كل سكان هذه المدن والقرى أن يقوموا بالقدوم إلى الرئاسة وأن يقدموا شكواهم وأن يتحدث عنهم الإعلام حتى يحظوا باهتمام الحكومة وزياراتها!
القضية ليست عصا سحرية. هذا صحيح، لكننا جميعا نتابع كل الحكومات في عهد الملك عبدالله ونجد أن هنالك توجيها لكل الحكومات بأن تكون "حكومات ميدانية"، وأن يخرج الرئيس والوزراء إلى الناس حيث القرى والبلدات والمحافظات البعيدة والمظلومة ليروا مشاكل الناس ويحسوا بها.
قدّم الملك نموذجا كريماً، عندما دخل قرى لم يسمع بها المسؤولون ولا الإعلام وغيّر مجرى حياة أهلها. فدور الحكومات أن تخدم الجميع، وكنا نشاهد حكومات بما فيها هذه الحكومة تمارس نوعا من النشاط التواصلي، ثم يدخل الكسل اليها، وتعود الى المكاتب، لكن التوصية كاملة وواضحة أن على الحكومات أن تكون ميدانية، ولو كانت هذه الحكومة كذلك لأمكنها حل الكثير من المشكلات ولسمعت بمشكلة الطيبة دون الحاجة إلى أن يهاجر أهلها إلى العاصمة لرفع صوتهم.
ليست الطيبة وحدها تحتاج إلى اهتمام ورعاية، هنالك الكثير من "الطيبات" التي يسكنها أردنيون طيبون من حقهم على حكوماتهم أن تصلهم وتحل مشاكلهم، لأن نخب أهل المواقع تعودوا أن يمروا في قرى وبلدات عند انتقالهم من عمان وإليها، وهم نائمون أو يستمعون الى موسيقى هادئة، ولا يلتفتون إلى فقر الناس ومشاكلهم، وحتى تلك القرى القريبة من العقبة التي تهوي اليها أفئدة الكبار، فإننا اكتشفنا أن فيها أردنيين لم يعرفوا أساسيات الحياة، ومنها قرية المزفر، التي اكتشفها الملك قبل سنوات ولم يدخلها قبله مسؤول.
ثمة مفارقة واضحة في الأيام الأخيرة، حين بات المواطن هو الذي يزور الحكومة ليشكو العطش، فكل كوادر الحكومة لم تسمع أن أردنيين بلا ماء منذ شهور!
الطيبة ليست آخر القرى المنسية، وإذا كانت الحكومة راغبة في العمل، فهنالك مئات القرى والبلدات التي يجب أن يدخلها الرئيس أو وزراؤه، حتى يتكرّس نهج جديد في التواصل بين الدولة والمواطنين، يقوم على العمل الميداني المباشر.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   سميح المعايطة