قضية سيارة النائب التي اكتشفت الأجهزة الامنية فيها كميات كبيرة من المخدرات والاوراق النقدية المزورة، ليست قضية غير عادية، وليس من الانصاف ان نربط بين النواب ومؤسسة المجلس والمخدرات، فحتى لو كان المعتقل نائبا وليس شقيقه فالقضية يجب ان لا يتم التعامل معها اعلاميا وسياسيا بشكل يلحق بمؤسسة مجلس النواب اذى ويربط بين السلطة التشريعية وتهريب المخدرات، وليس منصفا ان نتحدث بعناوين او برامج عن النواب والمخدرات لأن القضية لها أبعاد واضحة، ومن تم كشفه ليس ممثلا لمجلس النواب والشحنة المهربة من السموم والعملات ليست بأمر من رئاسة المجلس وأمانته العامة.
هنالك فرق بين نقد سياسي او تقييم لأداء المجلس وبين التهم الاخلاقية والسلوكية، وليس من العدل ان نصنع ربطا ولو إعلاميا بين المخدرات والنواب، لأن القضية قانونية، ومادامت دخلت ساحة القضاء بمستوياته فإننا نترك للقضاء الحق في التحقيق وتوجيه الاتهام والمحاكمة وفق القانون ومن دون أي تدخل او محاولة للتأثير على المسار القانوني للقضية.
لنضع القضية في بعدها وحجمها الحقيقييين ولنفرق بين عدم رضانا عن اداء المجلس الرقابي والتشريعي والسياسي وبين قضية اخلاقية سلوكية يجب ان تبقى في حدود مرتكبها ووفق ما ينص القانون. ولنحاول ان لا نظلم مؤسسة نيابية بأن نربط بينها وبين تهريب المخدرات لأن هذا سيترك آثارا اخلاقية وسلوكية تتجاوز الرأي السياسي.
لكن هذه القضية فيها أمر يستحق التوقف عنده كثيراً، وهو حصانة السيارات التي تعود لأي مسؤول في أي موقع. واعتقد ان الاجهزة الامنية التي كشفت عملية التهريب وضعت امامنا سلوكا وظيفيا مهما وهو عدم إعطاء أي حصانة لأي سيارة او بيت يعود لشخص مدعوم او مسؤول.
النمرة الحمراء على السيارة لم تخرجها من دائرة الاتهام، وهذا امر ايجابي تستحق عليه كوادر الامن تحية وتقديرا، لأن عالم الجريمة والتجاوز على القانون لا يترك وسيلة او مسارا يمكنه ان يمارس جريمته الا ومارسه، واغراء المال والثراء قد يدفع أي صاحب نفوذ ان يستعمل نفوذه لتمرير جرائم بحق الدولة والمجتمع ليحصل على المال، وهو امر لا يختلف عن قيام أي صاحب قرار بتوقيع قرار خاطئ مقابل مال او تبادل مصلحة.
البنية الاخلاقية وليس الموقع هي التي تحدد جرأة الانسان على الجريمة والرذيلة، ولهذا فأي مكان لا حصانة له اذا توفرت لدى الجهات الامنية ادلة على التورط، لأن الانسان هو الانسان، والفساد هو الفساد، سواء كان بالرشوة او منح عطاءات لمن لا يستحق او تستلم مشاريع من دون مطابقتها للمواصفات او الرشوة او تقديم شخص لموقع لا يستحقه او تهريب او تجارة مخدرات او ممارسة الرذيلة السياسية والاخلاقية، لأن كل هذا وأمثاله لا علاقة له بالموقع بل بأخلاق الانسان. ولعل المتابع للعديد من الساحات العربية حولنا يدرك استشراء استغلال النفوذ والحصانة الوزارية والنيابية في كل شيء يجلب الثروة والمال.
علينا ان ندرك ان بنية المجتمع تغيرت وأن كثيرا من الاخلاقيات عبثت فيها المصالح والرغبة في الثراء، ولهذا نحتاج الى تشدد كبير في تطبيق القانون، فالمواطن العادي قد يهرب معه من الحدود مسجلا او كاميرا لكن من يملك النفوذ يمكنه ان يفعل الكثير من الحدود او خارجها او داخلها، فلا حصانة الا للخلق الرفيع وللملتزمين بالقانون.
مرة اخرى فلنضع هذه القضية بحجمها القانوني ولا نظلم المجلس عبر ربط بين النواب والمخدرات فلا تزر وازرة وزر اخرى وبخاصة في القضايا القانونية؛ فالأمر ليس حالة سياسية.

المراجع

alghad.com

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   سميح المعايطة   العلوم الاجتماعية