عندما أصدرت الحكومة مساء الخميس الماضي قرارات برفع أسعار مشتقات نفطية فإنها ارتكبت خطأ كبيرا جدا على اكثر من صعيد؛ الاول ان الناس ليست مقتنعة بطريقة الحكومة في تسعير المشتقات النفطية وهذا ما ظهر خلال وجبة رفع الاسعار الماضية ويتكرر الآن.
اما الثاني فهو التوقيت الذي يأتي قبيل شهر رمضان بأيام، هذا الشهر الذي يشتعل فيه السوق وترتفع فيه الكثير من الاسعار والخدمات، فكيف عندما يصاحب هذا ارتفاع في اسعار مشتقات نفطية مهمة، فالحكومة ستوفر ارضية خصبة لكل من يريد رفع الاسعار وسيكون مبرر ارتفاع اسعار مشتقات نفطية حاضرا ومستعملا حتى في كثير من السلع التي لاعلاقة لها بالنفط.
 قدمت الحكومة لكل من يريد استغلال الموسم ورقة يستند إليها، وكان المهم بالنسبة للحكومة ان تأخذ قرارات تعنيها دون ان تدرس تأثير ذلك على الناس، لتضيف الى هذا ضعف الحكومة في الرقابة على الاسواق ومعاقبة كل مستغل، لأن الحكومة تهدد بمعاقبة من يستغل الناس، لكنها لا تفعل اكثر من إصدار مخالفة لأي تاجر لا يضع التسعيرة بصرف النظر عن مضمون التسعيرة وإن كانت حقيقية او فيها استغلال للناس، والمبرر أننا في دولة تؤمن باقتصاد السوق وكأننا في كندا او اميركا او أي دولة في العالم الحر.لكن مثال اللحوم التي ترتفع أسعارها كل فترة دليل على عدم ضبط الحكومة للأسواق، ولهذا بدأت اليوم حملة لمقاطعة هذه اللحوم احتجاجا على ارتفاع اسعارها.
 هدية الحكومة للأردنيين كانت واضحة في رمضان المبارك ، ولا ندري لماذا لا يوجد في الحكومة من لديه قراءة لتأثير القرار على الناس، لكن كيف سيشعر المترف بآلام الناس، وكيف يعرف قيمة القرش والربع دينار في حياة موظف او متقاعد من يتقاضى الاف الدنانير؟ والحكومة تعتقد انها انصفت الناس في بداية العام حين منحتهم عدة دنانير زيادة على رواتبهم!! وكأن هذه الدنانير ستحمي الراتب من كل الارتفاعات في رفع الاسعار التي نعيشها خلال الاشهر الماضية.
قرار رفع أسعار المشتقات النفطية ليس قرارا فنيا من لجنة في الصناعة والتجارة بل قرار سياسي، لكننا تعودنا من الحكومة ان لا تتوقف كثيرا عند الابعاد السياسية لكثير من القضايا حتى السياسي منها، واليوم تشتعل الاسعار وتعطي طلقة الانطلاق لكل من سيرفعها، اما هي فستكتفي بالتهديد والوعيد الذي لم يعد يختلف عن تهديد العرب للاحتلال قبل حرب 67، فهي نداءات، أما من يريد رفع أي شيء فيمكنه ذلك.
 غدا سيظهر المسؤولون على شاشات تلفزيون الحكومة والصحف يعلنون ان المواد التموينية متوافرة وأن الاسواق تحت المراقبة، وأن المواطن يمكنه الاتصال على هواتف معلنة للتبليغ عن كل من يخالف القوانين، ومن يسمع ذلك الكلام سيعتقد ان الامور كلها لمصلحة الناس، لكننا قبل ان نشتكي على التجار نشتكي على حكومة لم تعلم أنها بقرارها رفع اسعار مشتقات نفطية قد اشعلت السوق وزادت من حمى الاستغلال للموسم الرمضاني المبارك.

المراجع

ammonnews.net

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   سميح المعايطة   العلوم الاجتماعية