هنالك مزاج سياسي في الأردن يحاول اعتبار خطة أوباما نقطة حاسمة ومحطة سياسية يتم ربط كثير من الأمور المحلية والإقليمية فيها ومعها، وهذا الأمر قائم على اعتقاد أن أوباما وخطته سيأتيان بحل كبير ونهائي وعادل للقضية الفلسطينية، وستغلق كل الأبواب المفتوحة في هذا الصراع، وأنها ستفرض استحقاقات على الدول المعنية في المنطقة وأهمها الأردن وتحديدا في ملفات داخلية غير محسومة، ولهذا فحتى أحاديث التغيير للمواقع الكبرى في الحكومة وغيرها يتم ربطها بالقادم من أوباما وخطته.
وهذا الأمر ممكن الحديث به لو كانت خطة أوباما تملك فرصا كاملة للنجاح أو لو كانت المنطقة جاهزة لحل نهائي، وان الكيان الصهيوني مستعد لإعطاء الفلسطينيين أدنى حقوقهم من دولة فلسطينية حقيقية وحق العودة وإعادة القدس ...، لكن علينا أن نعلم أن خطة أوباما المنتظرة لا تملك فرصا للنجاح حتى لو استجاب العرب والفلسطينيون لكل شروطها التي لا نعلمها لكنها لا تخرج عن خريطة الطريق وغيرها من المبادرات، والسبب أن رؤية حكومة نتنياهو للتسوية لا يمكن لعاقل في العالم العربي أن يقبلها لأنه لا يريد إعطاء الفلسطينيين دولة حقيقية ويتحدث عن سلام اقتصادي ولا يريد فتح ملف القدس ولا ملف حق العودة ويريد من الفلسطينيين الاعتراف بيهودية كيان الاحتلال ....وكل هذا يعني انه ليس سلاما.
والأمر الأهم أن إدارة أوباما ليست راغبة ولا قادرة على ممارسة الضغط على حكومة نتنياهو وبالتالي فإن الأمر سيبقى في حدود الحديث العام ومحاولة التوفيق، والمثال الحاضر ما تفعله الإدارة الأميركية مع إسرائيل فيما يتعلق بالاستيطان ووقفه، وها هي الشهور تمر وجولات ميتشل تتوالى ونتنياهو يرفض حتى وقفا مؤقتا للاستيطان، ويريد ثمنا كبيرا جد للوقف المؤقت، فكيف سيكون الحال مع إقامة دولة فلسطينية حقيقية وعودة لاجئين والقدس !!
ما يعنينا في الأردن أن نمتلك رؤية واضحة للتعامل مع كل القادم أي ان نمتلك مواصفة أردنية للحل النهائي تحفظ لنا حقوقنا ولا نكون نحن من يدفع الثمن عبر توطين كامل ودائم أو المس بهوية الدولة الأردنية، وأن نتعامل مع أي خطة ليس على قاعدة أننا نريد للسلام أن يتحقق بأي ثمن بل وفق رؤية تؤمن أن السلام وسيلة لإعادة الحقوق وليس لشيء آخر.
أما على الصعيد الداخلي فإنه يفترض أن نغادر حالة الربط بين أي عملية ترتيب داخلي وبين انتظار خطة أوباما، لأنه حتى لو ظهرت خطة أوباما فإنها قد تحتاج إلى سنوات لتطبيقها حتى في حال التفاؤل الذي لا اراه مناسبا في النظر لعملية السلام، وأن نقلل من حالة الترقب التي نعطيها لخطة أوباما والتي تجعل بعضنا يعتقد أنها ستحدد خطواتنا الداخلية في العديد من المجالات السياسية الداخلية لأن هذه الفرضية تترك آثارا سلبية على أداء الدولة وبخاصة بعض المؤسسات وعلى رأسها الحكومة التي تقف متفرجة في العديد من الملفات الداخلية وأيضا على صعيد القضية الاقتصادية، وهو ترقب حكومي تحول إلى عجز يجعلنا نرى تدخلا ملكيا في قضايا يفترض أن الحكومة أنجزتها مثل قضايا الأسعار وبعض الخدمات البسيطة التي يمكن لوزير فاعل حلها لا أن تحتاج إلى تدخل ملكي
لنغادر حالة ترقب خطة أوباما، ولنقف طويلا عند ضرورة لترتيب العديد من الأوراق الداخلية التي تأثرت كثيرا بمراحل سياسية سلبية سابقة وأداء غير مناسب لمسؤولين كانوا اقل من مسؤوليات حملوها.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد سميح المعايطة