كالعادة تراجع طرح موضوع بدائل الطاقة على الساحة المحلية، حيث اعتدنا تصعيده مع كل موجة ارتفاع في أسعار المحروقات، في الوقت الذي لم نلمس بروز أي اطروحات أو سياسات عملية تأخذ طريقها للتطبيق، ومع الحديث عن فوائض مالية جراء الانخفاض العالمي لأسعار النفط فإن الموضوع مرشح للمزيد من الركود خلال المرحلة القريبة القادمة على اقل تقدير.
تشهد القاهرة الأسبوع القادم ولأول مرة في الشرق الأوسط وأفريقيا المؤتمر الدولي للغاز الطبيعي للسيارات والذي تدعو اليه مرة كل عامين المنظمة الدولية للغاز الطبيعي للسيارات، وهي منظمة غير ربحية تهدف إلى تنمية استخدام الغاز كوقود للمركبات على المستوى العالمي ونشر الخبرة في هذا المجال، ويشارك في المؤتمر 30 دولة من مختلف أنحاء العالم وحوالي مئة شركة تعمل في هذا المجال، وخلال متابعتي لهذا الموضوع خلال الأيام الماضية لم أجد أي ذكر لمشاركة أردنية من القطاعين العام أو الخاص بالمؤتمر، الأمر الذي يحمل إشارة اخرى - على تواضعها- تشير لعدم جدية أخذ هذا الموضوع في سلم اولويات البحث عن بدائل الطاقة في الأردن.
لقد تطورت خلال العقد الماضي تكنولوجيا استخدام الغاز الطبيعي كوقود للسيارات بشكل كبير، ويشهد العالم تحولاً واضحاً نحو البديل الجديد نظراً لانخفاض سعر الغاز الطبيعي مقارنة مع البنزين والسولار؛ إذ ان سعر الغاز الطبيعي يحقق وفرا عن سعر البنزين يتراوح ما بين 35% إلى 55% حسب نوع البنزين المستخدم و 60% من سعر السولار، الأمر الذي يعني تحقيق وفر لا يستهان به في فاتورة الطاقة الوطنية، إلى جانب ما يتمتع به هذا المصدر للطاقة من آثار ايجابية على البيئة مقارنة مع استخدام مشتقات النفط الأخرى، وأهمها التخفيف من معدلات التلوث التي تسببها عوادم السيارات حيث يعد الغاز الطبيعي أنقى أنواع الوقود أمانا، حيث ان احتمالات الاشتعال أو الاختناق عند تسربه ضئيلة جداً، بالإضافة إلى عدم وجود تأثيرات حقيقية على العمر الافتراضي للمحرك أو على قوته.
ويبدو ان النجاح الذي تحقق في استخدام الغاز الطبيعي كوقود للسيارات قد أغرى خلال السنوات القليلة الماضية العديد من دول العالم لدخول هذا المضمار نتيجة للمزايا الاقتصادية والبيئية ومنها الولايات المتحدة والأرجنتين وماليزيا وايطاليا ونيوزلندا والصين. ويستخدم الغاز الطبيعي في السيارات حالياً في حوالي 40 دولة، وهذا الأمر شجع العديد من شركات انتاج السيارات للبدء في صناعة سيارات تعمل بالغاز الطبيعي مثل (مرسيدس ومان في المانيا وفولفو بالسويد وجنرال موتورز وكتر بلر بأميركا وفيات في ايطاليا وتويوتا وسترويين في اليابان).
وتنتج بعض الشركات محركات مزدوجة تعمل بالغاز والبنزين معاً، إضافة إلى ذلك تطورت تكنولوجيا تحويل محركات السيارات العادية للعمل بالغاز الطبيعي، وتملك ايطاليا خبرة متميزة في هذا المجال، وشقت مصر طريقها بسرعة في بناء خبرة تستفيد من مواردها الهائلة في الغاز الطبيعي، حيث تعد مصر اليوم ضمن قائمة الدول العشر الأوائل في استخدام الغاز الطبيعي في السيارات؛ إذ يوجد فيها أكثر من مائة ألف سيارة تستخدم هذا المصدر للطاقة، والملاحظة الأخرى ان عملية تحويل محرك السيارة العادية للعمل بالغاز تكلف حسب الأسعار العالمية حوالي 700 دولار يمكن تغطيتها مما يتحقق من وفر استخدام الأنواع الأخرى من الوقود خلال اقل من عام.
في ضوء هذه المعطيات وما تحقق من خبرة عالمية وإقليمية تتمثل في التجربة المصرية، فإن الأردن الأكثر حاجة للبدء وعلى الفور بوضع خطة وطنية تضمن تحويل اكبر قدر ممكن من وسائط النقل إلى الغاز الطبيعي، وإذا ما توفرت الإرادة والعمل المؤسسي فإن هذا التحول سيعمل على تحقيق وفر في فاتورة الطاقة خلال خمس سنوات سيصل إلى حدود20 % ويمكن البدء بتدشين أول محطات توزيع محطات الغاز الطبيعي بالتزامن مع وضع تشريعات تدريجية تبدأ بسيارات وحافلات المدارس والجامعات ثم السيارات الحكومية وصولاً إلى اسطول سيارات النقل العام؛ البلد بأمس الحاجة إلى خطوات جدية في هذا الملف الملتبس.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة د.باسم الطويسي. جريدة الغد