منذ ان احرق الشاب التونسي «بو عزيزي» جسده احتجاجاً على حجز عربته «مورد رزقه الوحيد»، والعالم العربي «على قلق لكأن الريح تحته»، فجسد البوعزيزي كان الشارة الاولى التي قدحت زناد الثورة عند الشعب التونسي ليقف لاول مرة في مواجهة الديكتاتور بن علي وجعله يرحل مع اول طائرة مغادرة.
والمهم في تداعيات المشهد التونسي هو انتقاله كالنار في الهشيم الجماهيري العربي حيث شرر انتفاضة الشعب التونسي قد تطاير حتى وصل قاهرة المعز، التي نهض شبانها في حراك ثوري في منطقة ميدان التحرير فاستطاع في وقت وجيز ان يجبر الدكتاتور حسني مبارك على التنحي، والامتثال امام القضاء المصري في محاكمة لأول فرعون مصري في التاريخ.
وتطاير شرر الانتفاضة الشعبية للشباب العربي حتى وصلت ليبيا التي ظلت معتقلة في زنزانة العقيد معمر القذافي الى ما يزيد عن اربعين عاماً،لتؤكد ان الدكتاتور العربي يظل يحمل السمات ذاتها التي تشكلت تاريخياً بالمواصفات ذاتها والتي تنص على اعتماد مقولة «انا.. ومن بعدي الطوفان»، ولهذا بلغ الطوفان الليبي الذي احدثه العقيد الزبى وهو يقصف شعبه بصواريخ جراد ويطلق عليهم مسمى «الجرذان»، ويستدرج القوى الاطلسية لحلف الناتو كي تتدخل لحماية الشعب الليبي من السحق الدموي الذي كان يريده العقيد لشعبه.
وتتسع مساحة المشهد في التظاهر والحراك الشبابي الرافض لهيمنة الدكتاتور العربي حتى تصل الى اليمن، لتجعل الشعب اليمني بجنوبه وشماله يهتف في وجه الرئيس علي عبد الله صالح بعبارة «ارحل» حتى رحل بعد ان تفجرت قنبلة امام جسده .
وذهب المشهد التظاهري العربي نحو سوريا ليجعل الشعب السوري يهتف في كل مدنه وريفه وحواريه بالفم الملآن للرئيس بشار الاسد وهو يقول له «الشعب يريد اسقاط النظام»، وكان ثمن ذلك هو كل هذا القتل المجاني في شوارع وميادين المدن السورية.
وبعد هل يمكن القول ان فعل الثورة والتظاهر قد بدأ يتحول الى فايروس تصاب به الشعوب العربية، لا بل هل يمكن القول ان هذه العدوى الفايروسية تصيب الكيان الصهيوني الذي انتفض متظاهراً ضد التغول الاقتصادي ومعاناة الكائن الاسرائيلي «الهجين» في الحصول على حقه في السكن الاحتلالي، الى الدرجة ان بعض المتظاهرين حمل عبارة كتب عليه بالعربي والعبري كلمة «ارحل».
وهل يمكن القول ان فيروس التظاهر العربي قد وصل الى العاصمة البريطانية لندن، التي انتفضت فيها بعض الاحياء الشعبية الفقيرة الى درجة القتل والنهب.
انها عدوى التظاهر التي اخذت تنتشر وبشكل جعلت الثور الذي يحمل الكرة الارضية فوق قرنيه، ينتفض ويرتبك وتخور قواه.
ربما
|
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خليل قنديل جريدة الدستور
|