قدمت الباحثة المغربية لطيفة جوهير في دراسة سوسيولوجية للجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساءالعنف الزوجي في المغربي يتخذ أشكال مختلفة مؤخرا بمدينة الدارالبيضاء نتائج دراستها السوسيولوجية حول العنف الزوجي في المغرب والتي اعتمدت فيها على 500 من ملفات المشتكيات المودعة لدى مركز الاستماع التابع للجمعية المغربية لمناهضة العنف في الفترة الممتدة ما بين 2000 و 2002.الاختياربالنظر إلى محدودية ما توفره ملفات المشتكيات،
تم اختيار طريقة المقابلة والاستجواب كمنهجية مكملة للوقوف على الظروف التي يحدث فيها العنف الزوجي ومعدل تردده وأشكاله وردود فعل الضحايا والآثار المترتبة عنه بالنسبة للنساء في حياتهن الشخصية والعائلية، وقد اختارت الباحثة العينة الصالحة للاستجواب بناء على ثلاث اعتبارات رئيسية: السن، الوضعية الأسرية، المستوى الدراسي. تفيد الدراسة أنه من خلال الشكايات المسجلة بمركز الاستماع، يتضح أن الاعتداءات الجسدية هي أكثر أصناف العنف المعبر عنه، وتبقى ألوان العنف النفسي والمعنوي التي تتعرض له النساء كثيرة ومتباينة لكنها تظل من أصناف العنف المسكوت عنها في غالب الأحيان والتي يتعذر تشخيصها من طرف المشتكيات وتقديم حجج مادية عنها لإثبات الضرر اللاحق من جرائها.أما فيما يخص العنف الإقتصادي فتبرز الدراسة أن الزوج العنيف يعمد إلى استخدام سلطته الإقتصادية من أجل بسط سيطرته على الزوجة وإخضاعها، ويظل تجريد المرأة من أموالها وممتلكاتها، الإمتناع عن القيام بالواجبات الأسرية أو طرد الزوجة من بيت الزوجية من مظاهر هذا النوع من العنف.كما تطرقت هذه الدراسة إلى جرد مختلف أنماط ردود أفعال النساء المعنفات، بغية تقييم الصعوبات والعقبات التي تواجهنها في محاولتهن للخروج من دوامة العنف، وتطرح التساؤل حول معنى \"قبول\" بعضهن بمصيرهن المؤلم واستسلامهن لوضعية اجتماعية مأساوية.وفي الفصلين الأخيرين سعت هذه الدراسة إلى التعرف على انتظارات وطلبات النساء المعنفات بخصوص المساعدة والمتابعة من جهة، ومن جهة أخرى إلى قياس مدى تأثير العنف على الصحة النفسية الجسدية والعقلية للضحايا وعلى حياتهن الأسرية والإجتماعية.امتياز مدونة الأسرة المغربيةومن ناحية أخرى، أكدت نعيمة يقين محامية بهيأة الدارالبيضاء أن الدراسة التي أنجزت كانت قبل صدور مدونة الأسرة الجديدة، هذه الأخيرة التي أجابت عن بعض المشاكل المتعلقة بالعنف، كالمادة 53 من المدونة المتعلقة بالطرد من بيت الزوجية التي جاءت تنص على أنه إذا قام أحد الزوجين بإخراج الآخر من بيت الزوجية دون مبرر، تدخلت النيابة العامة من أجل إرجاع المطرود إلى البيت الزوجية حالا مع اتخاذ الإجراءات الكفيلة بأمنه وحمايته وكذا المادة 99 المتعلقة بالتطليق للضرر حيث تعتبر أن كل إخلال بشرط في عقد الزواج ضررا مبررا لطلب التطليق. ويعتبر ضررا مبررا لطلب التطليق، كل تصرف من الزوج أو سلوك مشين أو مخل بالأخلاق الحميدة يلحق بالزوجة إساءة مادية أو معنوية تجعلها غير قادرة على الإستمرار في العلاقة الزوجية. بالإضافة إلى المادة 100التي تثبت وقائع الضرر بكل وسائل الإثبات بما فيها شهادة الشهود، الذين تستمع إليهم المحكمة في غرفة المشورة. إذا لم تثبت الزوجة الضرر، وأصرت على طلب التطليق، يمكنها اللجوء إلى مسطرة الشقاق والمادة 101 في حالة الحكم بالطليق للضرر، للمحكمة أن تحدد في نفس الحكم مبلغ التعويض المستحق عن الضرر. بالإضافة إلى المواد المتعلقة بعدم الإنفاق (189، 190، 191). حكاية فاطنة فاطنة واحدة من النساء اللواتي شملتهن الدراسة بالإضافة إلى حكايات كل من مليكة، هنية، سميرة، نعيمة وخديجة واللائحة تطول. تحمل فاطنة مأساتها مثل جرح غائر، وتجد صعوبة في فك عقدة لسانها الذي ظل ممتنعا لمدة طويلة عن الكلام، لهذا فحكايتها شهادة حية عن ملايين النساء ضحايا الإعتداءات الأسرية المسكوت عنها.قدمت فاطنة إلى مركز الاستماع لتصف آلامها وتطلب المساعدة لتجاوز وضعية مأساوية لم تعد تطيقها. كانت مترددة في البداية، لا تدري من أين تبدأ، وتجد صعوبة كبيرة في الإمساك بخيوط حكايتها المعقدة.عاشت فاطنة كل حياتها في وسط يطبعه العنف: عنف أسرتها عندما كانت طفلة، عنف زوجها فيما بعد، ثم عنف القوانين والقضاء الذي لم ينصفها. كانت تبدو مستسلمة وراضية بقدرها عندما بدأت حكايتها قائلة: \"ما كان كل هذا ليحصل لي لولا أنني مخطئة بشكل من الأشكال...\"ولدت فاطنة في أسرة معوزة وكثيرة الأطفال. ولم تكد تبلغ سن الرابعة عشرة حتى طردتها أمها من البيت بحجة أنها كانت تمنح أشياءها الخاصة لزميلاتها. وهكذا عرفت في المساء الأول من حياتها الجديدة في الشوارع اعتداء نفذته ضدها مجموعة من الفتيان. دفع الخوف بفاطنة إلى اللجوء لأحد مراكز الشرطة لتحتمي بها، لكنها ستكون على موعد مع الإغتصاب الذي سوف يمارسه عليها رجال الشرطة المكلفين بالمداومة الليلية : \"...أنزلوني إلى القبو في مركز الشرطة، وهناك أمروني بالتخلص من ملابسي قصد إجراء الفحوصات الضرورية لإعداد التقرير... ثم اغتصبوني...\". لم تقدم فاطنة أية شكاية بمغتصبيها \"كنت طفلة صغيرة لا أعرف أنه بإمكاني الإبلاغ عن رجال الشرطة أنفسهم... لقد تملكني الخجل والإحساس بالذنب... ثم إنني كنت خائفة لأن رجال الشرطة أمروني بالتزام الصمت...\".في سن الثامنة عشر اقترح على فاطنة السفر للخارج قصد العمل لكن الحصول على جواز السفر آنذاك كان مرهونا بالزواج، وهكذا قدم لها شخص ادعى أنه يرغب في خدمتها ومساعدتها للحصول على جواز السفر بواسطة زواج السفر بواسطة زواج صوري : \"... عندما اقترح علي أن يساعدني، وعدني أن يطلقني عندما أحصل على عقد للعمل في الخارج. أقمت معه في البداية بمنزل والديه في انتظار استلام الوثائق الإدراية الخاصة بالسفر، وهكذا تحولت إلى خادمة لأسرته أقوم بكل أشغال البيت، وأتلقى السب والإهانة كجزاء. فأنا كنت بالنسبة لأفراد أسرته مجرد فتاة الشوارع التي اصطحبها يوما ابنهم...\" بعد عدة أشهر من الإنتظار، طلبت فاطنة من \"زوجها الصوري\" الطلاق:\"... طبعا رفض ذلك باعتباره يملك كل الحقوق ما دمت زوجته قانونيا. انتقلت بعد ذلك لأقيم في قبو المقهى الذي يشتغل به. وفي النهاية وجدت نفسي في بيته أعتني بأطفاله من زواجه الأول... وعلمت بعد حين أن زوجته الأولى تخلت عنه بسبب العنف الذي كان يمارسه عليها. لقد كان اعتدي علي أيضا ويقول لي : \"سواء شئت أم أبيت فأنت زوجتي ويجب عليك طاعتي\". كان يجبرني على المشاركة في ممارسات جنسية غريبة، ويواجهني بالضرب كلما عبر عن رفضي لذلك...\"عندما تضعف قدرة فاطنة على التحمل والمقاومة كانت تطلب الطلاق، لكن زوجها كان يواجهها دائما بالمزيد من العنف: \" كنت كلما طلبت منه وضع حد لعلاقتنا الزوجية ينهال علي بالضرب وينعتني ببنت الشارع ويهددني بالقتل. وهكذا بدأت أرفض القيام بما يأمرني به، لكن ممارسته العنيفة صارت لا تحتمل، فقمت بمحاولة انتحار...\". تمكنت فاطنة من الحصول على الطلاق وراحت لتقيم مع أسرتها في إحدى الأحياء الفقيرة للمدينة: \"... كان يأتي إلى بيت والدي ويهددنا بالقتل... ومرة أخرج سكينا وهددنا بالإنتحار تحت أنظار الجميع...\"بعد افتراقهما بسنتين، عادت فاطنة لتعيش من جديد مع زوجها : \"... اخترت ذلك لأنه وعدني بالتخلي عن سلوكه العنيف، ثم إنني تركت ورائي أطفالا صغارا السن كانوا بالنسبة إلي مثل أبنائي...\" لكن زوجها لم يلتزم بوعده وواصل تصرفاته العدوانية ضدها:\"... كان يضربني بشدة ويحبسني في الحجرة التي لا أغادرها إلى بعد أن تنمحي آثار التعذيب من جسدي\". بعد فشل محاولتها في تحسين ظروف حياتها الزوجية، استسلمت فاطنة لانهيار عصبي وأقدمت مرة ثانية على محاولة انتحار \" استطاع أن يقنع الجميع في المستشفى بأنني غير طبيعية وقدم رشوة لمصالح الطب العقلي ليقوموا بحبسي مع المرضى العقليين...\". أدخلت فاطنة مستشفى الأمراض العقلية بطلب من زوجها :\"... كنت أعاشر المجانين في المستشفى وكان ذلك أمرا قاسيا بالنسب إلي... تدخلت أسرتي لإخراجي من هناك، مدة قليلة بعد ذلك: \"...لم أعد أتحمل معاملته العدوانية، ولذلك خرجت من البيت والتجأت إلى منزل بعض معارفي. كان زوجي يعلم بوجودي هناك، لكنه كان يدعي جهله بمكان إقامتي. وهكذا ذهب إلى الشرطة لاستصدار أمر بالبحث عني مدعيا أني مريضة عقليا، وأنه منذ خروجي للحمام العمومي لم أعد للبيت. تمكنت الشرطة من القبض علي وأعادتني إلى بيت زوجي...: منذ ذلك الحين وفاطنة تعاني رعبا متواصلا:\" بمجرد ما أسمع صوته يرتعد جسدي، يتملكني الخوف الشديد ولا أستطيع النوم ليلا... أعيش في رعب دائم وأفكر باستمرار في وضع نهاية لحياتي...\". فاطنة ليست إلا نموذجا مصغرا لما تعيشه بعض النساء المغربيات داخل قعر منازلهن من عنف يومي والذي في الغالب ما يؤدي إلى عواقب وخيمة تمس الأطفال وتؤثر لا محالة على صحتهم، نموهم وتمدرسهم. تحية إعلامية طيبة وبعدأتقدم بداية بالشكر الجزيل للساهرين على هذا الموقع المتميز وأتمنى لكم عيد مبارك سعيدهذه أولى مشاركتي معكم وأتمنى أن تتوالى المساهمات.وأحيطكم علما أنني إعلامية مغربية أهتم بالشأن الاجتماعي.رحمة بوشيوع الجوهر يلمزيدا من التواصل هذا بريدي الإلكترونيrahmajouhari141@hotmail.comrahmato-allah@maktoob.com \"
المراجع
www.swmsa.net/articles.php?action=show&id=1479موسوعة الأبحاث العلمية
التصانيف
الأبحاث