إذا كان هنالك قضية مطلبية مهنية يمكن أن تكون محل إجماع كل الأردنيين، فهي قضية المعلمين. فهم الطبقة الفقيرة والمتوسطة، وهم أصحاب الرسالة، وهم محل التعاطف والمساندة من الجميع. ومنذ أن تم فتح الملف قبل حوالي عام من اليوم، حقق المعلمون جملة من المكاسب المادية والمعنوية التي يستحقونها، وبقي الملف الأخير وهو النقابة.
والنقابة حتى في بداية فتح الملف في عهد الحكومة الماضية، لم تكن فكرة مرفوضة. ويذكر المعلمون أن السبب لم يكن عدم قناعة، لكن كان هنالك عائق يفرضه قرار المجلس العالي لتفسير الدستور منذ بداية التسعينيات، وهو عائق يحتاج إلى معالجة. وحتى بعد مجيء مجلس النواب والحكومة الحالية التي وافقت على منح المعلمين نقابة، فإن الملف مايزال من دون حسم، وهنالك طلب رأي من السادة النواب إلى المجلس العالي لتفسير الدستور حول موضوع النقابة، ولم يصل الجواب بعد.
المعلمون يستحقون نقابة، ويستحقون ما حصلوا عليه خلال العام الماضي، ويحتاجون إلى جسم مهني يوفر لهم مزيدا من الخدمات المعيشية من إسكان وغيره. وما كان يتم في الحوارات العامة والشخصية مع ممثلي المعلمين يذكرونه جيدا، وكان ومايزال نابعا من حرص على أن تكون نهاية هذا الحراك نتائج على الأرض في ملف الإطار المهني، كما كانت النتائج إيجابية على الصعيدين المعنوي والمادي.
ويذكر الأساتذة الكرام من ممثلي المعلمين في الحوارات معهم ما نحتاجه اليوم، وهو أن تتم إدارة الملف من قبلهم بشكل متقدم وأكثر ديناميكية، وأن يكون الهدف تحقيق الإنجاز، وأن يتم وضع تعريف لمضمون الإطار التمثيلي للمعلمين. فالمهم هو المضمون، أما الإطار فنتمنى أن يكون النقابة. لكن عليهم استثمار الإجماع على قضيتهم، وأن يتم استثمار المرحلة بحوارات جادة مع كل الجهات الحكومية والنيابية. واليوم، يتواجد رئيس اللجنة في لجنة الحوار الوطني، أي أنه أصبح جزءا من الفعل الوطني، وهذا اعتراف بقطاع المعلمين وفعاليته.
لا نريد جميعا أن يمضي الوقت من دون إنجاز الإطار المهني للمعلمين، والذي نتمنى أن يكون نقابة. وأعتقد أن لجنة المعلمين أصبحت قريبة من صناعة القرار، ولديها أشكال تواصل وحوار دائمين مع كل السلطات. وإدارة هذا الملف من قبل قيادة المعلمين بهدوء أمر يمكن أن يصل إلى نتائج، لأن قضية المعلمين ليست خلافية، بل محل إجماع. وكما أشرت، فإن الموقف الإيجابي من النقابة لدى الحكومة الحالية والسابقة يقف في طريقه قرار صدر العام 1994، وربما يكون لدى مجلس النواب والمجلس العالي لتفسير الدستور مخرج دستوري، وهذا ما يحتاج إلى حوار وتواصل هادئين.
لجنة المعلمين أصدرت يوم السبت الماضي بيانا إلى أولياء الأمور تدعوهم إلى تفهم الإضراب الذي تم في اليوم التالي، وأعتقد أن صدور البيان كان لأن المعلمين يدركون أن أي أب حريص على ابنه وانتظام العملية التربوية، ولا يريد لابنه أن يدفع ثمنا لتحرك المعلمين. ولأننا على قناعة بحرص كل معلم على مصلحة الطالب، فإننا ندرك أيضا أن الأبواب السياسية المفتوحة أمام ممثلي المعلمين تمكنهم من التحرك من دون الحاجة لأي حرج أمام أولياء الأمور. ولنتذكر جميعا أن الهدف هو أكل العنب، والطريق ليست معقدة أمام هذا.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد صحافة سميح المعايطة