نستمع  إلى ملاحظة من الشركة الوطنية للتشغيل والتدريب مع بداية بعض حملات الترويج لأحد برامجها تشير الى أن هناك ضعفا في الإقبال على التسجيل في محافظات الشمال والجنوب، كما حدث في التسجيل  للدفعة الأخيرة من المتدربين، مع إشارة إلى إقبال معقول في محافظات الوسط.
ولمن لا يتابع الشركة، فهي فكرة للتخفيف من البطالة عبر برنامج يقوم عليه الجيش لتأهيل الشباب للعمل في قطاع المقاولات والإنشاءات المتخم بالعمالة الوافدة، حيث يتم تأهيل الشباب في تدريب يتقاضون خلاله 191 دينارا راتبا شهريا، مع كل الامتيازات الأخرى من تأمين صحي وطعام وضمان اجتماعي، ثم إدخالهم في سوق العمل. وهي فكرة جيدة لحل مشكلة العمل لدى جزء من شبابنا، ليس من خلال العمل في الفئة الرابعة أو عامل مياومة بلا مستقبل، بل بتعلم مهنة تضاعف دخله في سوق عمل متاح.
وفي مقابل ضعف الإقبال في محافظات الشمال والجنوب، نشهد حديثا عن زيادة نسب البطالة في تلك المحافظات ووجود جيوب الفقر، ونسأل: ماذا لو كان الإعلان عن فتح باب التوظيف لعمال المياومة في الوزارات، كما كان يحدث قبل سنوات، فهل سنجد ضعفا في الإقبال أم سيصبح الحصول على وظيفة عامل مياومة يحتاج إلى عدة واسطات، وتصبح بيوت ومكاتب النواب والوزراء مكتظة بالباحثين عن مكان في إحدى الوزارات، في وظائف لا مستقبل لها سوى تأمين راتب محدود وأمل في التثبيت إذا ما نجح أحد الاعتصامات في إجبار حكومة ما على التثبيت؟
لا نلوم الناس لأن الحاجة والبطالة يجعلان الفرد يبحث عن أي وظيفة، لكننا نلوم أنفسنا جميعا إذا لم نتعامل بجدية مع أي باب من أبواب الرزق والتأهيل واكتساب مهنة لها مكان في سوق العمل. فلماذا لا يذهب شبابنا من كل المحافظات إلى برنامج تأهيل في حضن المؤسسة العسكرية، برنامج يضمن راتبا شهريا مثل راتب عامل المياومة، لكن الأهم أن الشاب يخضع لتأهيل في مهنة تضمن له فرصة عمل براتب كبير في القطاع الخاص، ويكون سيد نفسه لأنه يحمل تأهيلا؟
لا نلوم صاحب الحاجة عندما يبحث عن أي عمل، لكن ضمن هذه الخيارات لماذا يحجم شبابنا في المحافظات عن الالتحاق بهذا البرنامج باعتباره خيارا إيجابيا؟ ولماذا لا يكون الحماس في تلك المحافظات التي فيها جيوب الفقر مثل محافظات الوسط، رغم أن فرص العمل متاحة في الوسط أكثر من محافظات الأطراف؟!
الأمر ليس تسويقا لبرنامج الشركة الوطنية، بل سعي لبناء ثقافة مجتمعية تغتنم كل الفرص للتعامل مع البطالة، لأننا كدولة لن نمتلك حلا واحدا يفتح باب التوظيف للجميع في المجال الذي نحبه، بل على المجتمع التعامل بجدية مع الفرص المتاحة وليس النموذج الذي نحب. فنحن نرى في مجتمعنا فئات تتعامل بإيجابية مع أي فرصة، فنجد شبابنا الجامعيين يعملون في المطاعم، وآخرين في وظيفة عامل وطن، وآخرين في فنادق ومهن كنا نعتبرها حكرا على العمالة الوافدة. لكن الأمر يحتاج إلى توسيع إطار هذه الثقافة واستثمار كل الفرص، بما فيها مبادرات التأهيل من مثل ما تقدمه الشركة الوطنية للتأهيل والتدريب وغيرها من المبادرات.

المراجع

الموسوعة الرقمية العربية

التصانيف

جريدة الغد   صحافة  سميح المعايطة   العلوم الاجتماعية