ليس مستغربا أن تعلو صرخات رجال الأعمال من تداعيات العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، فمن الطبيعي أن يكون ولاء رجال الأعمال لآخر صفقة تتم.
لكن نأمل أن لا تسيطر فقط حسابات الربح والخسارة على المشهد وأن لا تكون بهذا الضيق في حالة متحركة كالمشهد السوري في غياب الأفق الاستراتيجي الأوسع للفرص الكامنة التي يفرزها الربيع العربي لإطلاق الطاقات الاقتصادية، التي كبلها الاحتكار والرأسمالية المشوهة التي ساد نهجها لمنفعة الأنظمة المستبدة.
وكما في العقوبات الدولية التي فرضت على العراق في حقبة مرت وفوتت على الاردن فرصا كثيرة بسبب ضيق أفق طبقة تجارية متحكمة بقيت أسيرة لمنطق العمولات نجد اليوم أن النهج نفسه بقي سائدا حتى اليوم لدى فئات من قطاع الأعمال التي لا ترى أكثر من أنفها في ما يحدث في سورية اليوم.
الأيام والأشهر المقبلة حبلى بالتغيير ولا يمكن أن نبقى غافلين عما يحدث وأن نغتنم فرص التغيير المقبلة حتى نصبح في مرحلة ما بعد التغيير الباب الخلفي والمنفذ التجاري الأهم لسورية وحتى لا تفلت منا الفرص الواعدة القادمة وتذهب للدول المجاورة.
فاليوم التغييرات التي تحدث في المنطقة تحتاج لقطاع أعمال ديناميكي وقادر على التحرك سريعا وسباق يعتمد على الميزة البشرية التي تتوفر لدينا.
ففي خضم الطاقات الكبيرة الموجودة يتوجب وجود تحرك أسرع للشركات الرائدة والمصدرين الكبار إن كان في مصر أو ليبيا أو اليمن وغيرها من الدول وحتى إن كانت اجواء الاستثمار ملبدة بالضبابية والوقت اليوم لم يعد لصالحنا. ولا يمكن التعاطي مع ما يحدث وكأنما نحن أمام ظرف طارئ ستؤول إليه الأحوال لسابق عهدها.
وكما ينجم عن كل تغيير في العراق في الماضي وأمثلة اخرى، فان اللاعبين الجدد سيكون لهم حظ أوفر بعد أن تزول أتاوات رجال الحكم، وغيرها من الأمور التي تصبغ طبيعة التعاملات التجارية الكبرى مع سورية.
وستمنح التغييرات المقبلة الفرص لواقع اقتصادي يجب مواكبته حتى لا نصبح في ذيل القائمة، وعلينا أن ندرك أن تضرر مصالح قلة من المنتفعين سيكون مقابله استفادة أوسع عندما تتحرر التجارة وتزال القيود وتفتح المنافسة على مصراعيها.
واليوم تفتح الثورات العربية الباب واسعا امام تغيير حقيقي يسمح لفعاليات اقتصادية لم يتح لها فرص الدخول لسوق سورية محتكرة في قطاعاته الأكثر إغراء وتبقى الفرص الكامنة أكبر بكثير مما هو متاح.
نستغرب تباكي البعض على فقدان التجارة مع سورية بعد العقوبات الأخيرة التي فرضتها الجامعة العربية، وكأننا الآن فقط سنشعر بوطأة الاحداث التي تعصف في سورية منذ الشهر الثالث.
إن الفرص المقبلة أكبر بكثير من تلك التي ضاعت في خضم ثورة الشعب السوري.
لا يطلب من فئة من رجال الاعمال أن يضعوا آمالهم وأحاسيسهم الوطنية في حسابات الربح والخسارة، إلا أن الاستثمار اليوم في ثورات الربيع استثمار ناجح على المدى المتوسط والاستراتيجي.
لا شك أن هناك معاناة ستلحق بالأردن من جراء مزيد من التدهور في حجم التبادلات مع سورية، الا ان المنفعة الاكبر قادمة مع سورية حرة تنبثق من رحم قيود الماضي.